إلى الله أشكو
إِلَى اللهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِـي وَجَـارَةً
تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّـبَاحِ بِإِعْـوَالِ
لَهَـا صِبْيَـةٌ لا بَـارَكَ اللهُ فِيهِـمُ
قِبَاحُ النَّوَاصِي لا يَنَمْنَ عَلَى حَـالِ
صَوَارِخُ لا يَهْـدَأْنَ إِلا مَعَ الضُّحَـا
مِنَ الشَّرِّ فِي بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ
تَرَى بَيْنَهُـمْ يَا فَـرَّقَ اللهُ بَيْنَهُـمْ
لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِـي
كَأَنَّهُـمُ مِمَّـا تَنَازَعْـنَ أَكْلُـبٌ
طُرِقْنَ عَلَى حِينِ الْمَسَـاءِ بِرِئْبَـالِ
فَهِجْنَ جَمِيعاً هَيْجَةً فُزِّعَـتْ لَهَـا
كِلابُ الْقُرَى مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ كَلْبٍ عَقُـورٍ وَكَلْبَـةٍ
مِنَ الْحَيِّ إِلا جَاءَ بِالْعَـمِّ وَالْخَـالِ
وَفُزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْـلُ فَانْبَـرَتْ
تُجَاوِبُ بَعْضَاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَـالِ
فَقَامَتْ رِجَالُ الْحَيِّ تَحْسَبُ أَنَّهَـا
أُصِيبَتْ بِجَيْشٍ ذِي غَوَارِبَ ذَيَّـالِ
فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً وَمِنْ قَابِضٍ عَصَاً
وَمِنْ فَزعٍ يَتْلُو الْكِتَـابَ بِإِهْـلالِ
وَمِنْ صِبْيَةٍ رِيعَتْ لِـذَاكَ وَنِسْـوَةٍ
قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْـنَ بِالْوَالِـي
فَيَا رَبُّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّـرَاً
عَلَى مَا أُقَاسِيهِ وَخُذْهُـمْ بِزَلْـزَالِ
__________________
خوف معشوقة
قَالتْ وقد سمعتْ شعري فَأعجبها | إني أخافُ على هذا الغُلامِ أبي
أراهُ يَهتِفُ باسمي غيرَ مُكترثٍ | ولو كنى لم يدعْ للظن من سببِ
فكيفُ أصنعُ إن ذاعتْ مَقالَتُهُ | ما بين قومي وهم من سادة العربِ
فنازَعَتْها فَتاةٌ مِنْ صواحِبها | قولاً يُؤلِّفُ بين الماءِ بِ
قالتْ دَعِيهِ يصوغُ القولَ في جُمَلٍ | من الهوى ، فهي آياتٌ من الأدبِ
وما عليكِ وفي الأسماء مُشتَرَكٌ | إن قال في الشِعرِ ياليلى ولم يَعِبِ ؟
وحَسْبُهُ مِنكِ داءٌ لو تَضَمّنَهُ | قلبُ الحمامةِ ، ما غنتْ على عَذَبِ
فاستَأنَسَتْ ، ثم قالت وهي باسمةٌ | إن كان ما قلتِ حقاً فهو في تَعَبِ
يا حُسْنَهُ من حديثٍ شفّ باطِنُهُ | عن رِقّةٍ ألبستني خِلعة الطربِ
بادر الفرصة
بادرِ الفُرصةَ ، واحـــــــــــــذر فَوتها
فَبُلُوغُ العزِّ في نَيلِ الفُـــــــــــرص
واغـــتنم عُـــمْـــــركَ إبانَ الصِــــبا
فهو إن زادَ مع الشـــــــــيبِ نَقَصْ
إنما الدنيا خـــــــــــــــــيالٌ عارضٌ
قلَّما يبقى ، وأخـــــــــــــبارٌ تُقصْ
تارةً تَدْجو ، وطـــــــــــــوراً تنجلي
عادةُ الظِلِّ ســــــــــجا ، ثمَّ قَلَصْ
فابتدر مســـــعاك ، واعلم أنَّ من
بادرَ الصــــــــــــيدَ مع الفجرِ قنص
لن ينال المـــــــــرءُ بالعجز المنى
إنما الفوزُ لِمن هــــــــــــــمَّ فنص
يَكدحُ العاقــــــــــــــــلُ في مأمنهِ
فإذا ضــــــــــــاقَ به الأمرُ شَخَصْ
إن ذا الحاجـــــــــــــةِ مالمْ يغتربْ
عَنْ حماهُ مثْلُ طَــــــيْرٍ في قفصْ
وليكن سعـــــــــــــــيك مجداً كُلُّهُ
إن مرعى الشـــــــر مَكْرُوهٌ أَحَصْ
واتركِ الحِــــــرصَ تعِشْ في راحةٍ
قَلَّما نـــــالَ مـُــــــــنـَاهُ مَنْ حَرَصْ
قد يَضُرُّ الشـــــــــــيءُ ترجُو نَفعَهُ
رُبَّ ظَمْآنَ بِصَـــــــــــفوِ الماءِ غَصْ
مَيزِ الأشــــــــــــــياء تعرفْ قَدرها
ليستِ الغُرَّةُ مِنْ جِــــنسِ البرصْ
واجــــــــــــــــتنبْ كُلَّ غَبِيٍ مَائِقٍ
فهو كَالعَيْرِ ، إذا جَــــــــــــدَّ قَمَصْ
إنما الجاهــــــــلُ في العين قذًى
حيثما كانَ ، وفب الصـــدرِ غَصَصْ
واحذرِ النمـــــــــــــــامَ تأمنْ كَيْدَهُ
فهو كالبُرغُــــــــــوثِ إن دبَّ قرصْ
يَرْقُبُ الشَــــــــــرَّ ، فإن لاحتْ لهُ
فُرْصَةٌ تَصْلُحُ لِلخَــــــــــــــتْلِ فَرصْ
سَاكنُ الأطــــــــــــــــرافِ ، إلا أنهُ
إن رأى منَشـــــــــبَ أُظْفُورٍ رَقَصْ
واختبر من شــــــئت تَعْرِفهُ ، فما
يعرفُ الأخـــــــــلاقَ إلا مَنْ فَحَصْ
هذهِ حِـــــكـــــمـــةُ كَـــــهلٍ خابرٍ
فاقتنصها ، فهي نِعْـــمَ المُقْتَنَصْ
أعد يا دهر
أَعِـدْ يَـا دَهْـرُ أَيَّـامَ الشَّـبَابِ
وَأَيْـنَ مِنَ الصِّـبَا دَرْكُ الطِّـلابِ
زَمَـانٌ كُلَّمـا لاحَـتْ بِفِكْـرِي
مَخَايِلُهُ بَكَيْـتُ لِفَـرْطِ مـا بِـي
مَضَى عَنِّي وَغَـادَرَ بِـي وَلُوعـاً
تَوَلَّـدَ مِنْـهُ حُـزْنِـي وَاكْتِئَابِـي
وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْـبِ نَفْسِـي
وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَـتْ عَذَابِـي
أَصُدُّ عَنِ النَّعِيـمِ صُـدُودَ عَجْـزٍ
وَأُظْهِـرُ سَلْـوَةً وَالْقَلْـبُ صَابِـي
وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْـرٌ مِـنْ حَيَـاةٍ
يَكُـونُ قِـوَامُهـا رَوْحَ الشَّـبَابِ
فَـيَـا للهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَـالٍ
بِـهِ سَـلَـفَـتْ وَأَيَّـامٍ عِـذَابِ
إِذِ النَّـعْـمَـاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْـنَـا
وَمَرْعَى اللَّهْـوِ مُخْضَـرُّ الْجَنَـابِ
نَطِيـرُ مَـعَ السُّـرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَـا
بِأَجْنِحَـةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصَـابِـي
فَـغُـدْوَتُنَـا وَرَوْحَتُنَـا سَـوَاءٌ
لعَـابٌ فِي لعَـابٍ فِـي لعَـابِ
وَرُبَّـتَ رَوْضَـةٍ مِلْـنـا إِلَيْـهَا
وَقَرْنُ الشَّمْـسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ
نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَـتْ فَكَانَـتْ
عَلَى السَّاحـاتِ أَمْثَـالَ الْقِبـابِ
فَزَهْـرُ غُصُونِهَـا طَلْـقُ الْمُحَـيَّا
وَجَدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ
كَـأَنَّ غُصُونَهـا غِيـدٌ تَهَـادَى
مِنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ فِـي ثِيَـابِ
سَقَتْهَا السُّحْـبُ رَيِّقَـها فَمَالَـتْ
كَمَا مَالَ النَّزِيـفُ مِـنَ الشَّـرَابِ
فَسَبَّـحَ طَيْرُهـا شُكْـراً وَأَثْنَـتْ
بِأَلْسِنَةِ النَّبـاتِ عَلَـى السَّحَـابِ
وَيَـوْمٍ ناعِـمِ الطَّـرَفَيْـنِ نَـادٍ
عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ
سَبَقْتُ بِهِ الشُّـرُوقَ إِلَى التَّصَابِـي
بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ
وسُقْتُ مَعَ الْغُـواةِ كُمَيْـتَ لَهْـوٍ
جَمُوحاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِـذَابِ
إِذَا أَلْجَمْـتَـها بِالْـمَـاءِ قَـرَّتْ
وَدَارَ بِجِيـدِهـا لَبَـبُ الْحَبـابِ
مُـوَرَّدَةً إِذَا اتَّـقَـدَتْ بِـكَـفٍّ
جَلَتْـها لِلأَشِعَّـةِ فِـي خِضَـابِ
هُوَ العَصْـرُ الَّـذِي دَارَتْ عَلَيْنَـا
بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضِعَـةَ النِّقَـابِ
نُجَـاهِـرُ بِالْغَـرَامِ وَلا نُبَـالِـي
وَنَنْطِـقُ بِالصَـوابِ وَلا نُحَابِـي
فَيَا لَكَ مِنْ زَمـانٍ عِشْـتُ فِيـهِ
نَدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيـفِ الكِعـابِ
إِذَا ذَكَـرَتْـهُ نَفْسِـي أَبْصَـرَتْـهُ
كَأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ
تَحَـوَّلَ ظِلُّـهُ عَـنِّـي وَأَذْكَـى
بِقَلْبِـي لَوْعَـةً مِثـلَ الشِّهَـابِ
كَـذَاكَ الدَّهْـرُ مَـلاَّقٌ خَلُـوبٌ
يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِـذَابِ
فَلا تَرْكَـنْ إِلَيْـهِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ
تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ
وَعِشْ فَرْداً فَمَا فِي النَّـاسِ خِـلٌّ
يَسُـرُّكَ فِـي بِعَـادٍ وَاقْـتِـرَابِ
حَلَبْـتُ الـدَّهْـرَ أَشْطُـرَهُ مَلِيَّـاً
وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ
فَمَا أَبْصَـرْتُ فِي الإِخْـوَانِ نَدْبَـاً
يَجِـلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ
وَلَكِـنَّـا نُعَـاشِـرُ مَـنْ لَقِينَـا
عَلَى حُكْـمِ الْمُـرُوءَةِ وَالتَغَابِـي
الفؤاد المفجع
مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُـؤَادُ الْمُفَجَّـعُ
وَفِي كُلِّ يَوْمٍ رَاحِلٌ لَيْـسَ يَرْجـعُ
نَمِيلُ مِنَ الدُّنْيَـا إِلَى ظِـلِّ مُزْنَـةٍ
لَهَـا بَـارِقٌ فِيـهِ الْمَنِيَّـةُ تَلْمَـعُ
وَكَيْفَ يَطِيبُ الْعَيْشُ وَالْمَرْءُ قَائِـمٌ
عَلَى حَذَرٍ مِنْ هَـوْلِ مَـا يَتَوَقَّـعُ
بِنَا كُـلَّ يَـومٍ لِلْحَـوَادِثِ وَقْعَـةٌ
تَسِيـلُ لَهَا مِنَّـا نُفُـوسٌ وَأَدْمُـعُ
فَأَجْسَادُنَا فِي مَطْرَحِ الأَرْضِ هُمَّـدٌ
وَأَرْوَاحُنَا فِي مَسْرَحِ الْجَـوِّ رُتَّـعُ
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّـا نُسَـاءُ وَنَرْتَضِـي
وَنُدْرِكُ أَسبَـابَ الْفَنَـاءِ وَنَطْمَـعُ
وَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَـانُ عُقْبَـانَ أَمْـرِهِ
لَهَـانَ عَلَيْـهِ مَا يَسُـرُّ وَيَفْجَـعُ
تَسِيرُ بِنَا الأَيَّـامُ وَالْمَـوتُ مَوْعِـدٌ
وَتَدْفَعُنَـا الأَرْحَـامُ وَالأَرْضُ تَبْلَـعُ
عَفَـاءٌ عَلَى الدُّنْيَـا فَمَـا لِعِدَاتِهَـا
وَفَـاءٌ وَلا فِـي عَيْشِـهَا مُتَمَتَّـعُ
أَبَعْدَ سَمِيرِ الْفَضْلِ أَحْمَـدَ فَـارِسٍ
تَقِرُّ جُنُـوبٌ أَوْ يُلائِـمُ مَضْجَـعُ
كَفَى حَزناً أَنَّ النَّوَى صَدَعَـتْ بِـهِ
فُـؤَاداً مِنَ الْحِدْثَـانِ لا يَتَصَـدَّعُ
وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً وَلَكِنَّ ذَا الأَسَـى
إِذَا لَمْ يُسَاعِـدْهُ التَّصَبُّـرُ يَجْـزَعُ
فَقَدْنَاهُ فِقْدَانَ الشَّـرَابِ عَلَى الظَـمَا
فَفِي كُلِّ قَلْبٍ غُلَّـةٌ لَيْـسَ تُنْقَـعُ
وَأَيُّ فُـؤَادٍ لَـمْ يَبِـتْ لِمُصَابِـهِ
عَلَى لَوْعَةٍ أَوْ مُقْلَـةٍ لَيْـسَ تَدْمَـعُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّمْعِ فِي الْخَدِّ مَسْـرَبٌ
رَوِيٌّ فَمَا لِلْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ مَوْضِـعُ
مَضَـى وَوَرِثْنَـاهُ عُلُومـاً غَزِيـرَةً
تَظَلُّ بِهَا هِيـمُ الْخَوَاطِـرِ تَشْـرَعُ
إِذَا تُلِيَـتْ آيَاتُهَـا فِـي مَقَـامَـةٍ
تَنَافَسَ قَلْبٌ فِي هَوَاهَـا وَمسْمَـعُ
سَقَى جَدثاً فِي أَرْضِ لُبْنَانَ عَـارِضٌ
مِنَ الْمُزْنِ فَيَّاضُ الْجَـدَاوِلِ مُتْـرَعُ
فَـإِنَّ بِـهِ لِلْمَكْرُمَـاتِ حُشَاشَـةً
طَوَاهَا الرَّدَى فَالْقَلْبُ حَرَّانُ مُوجَـعُ
فَإِنْ يَكُنِ الشِّدْيَاقُ خَلَّـى مَكَانَـهُ
فَإِنَّ ابْنَهُ عَنْ حَوْزَةِ الْمَجْـدِ يَدْفَـعُ
وَمَا مَاتَ مَنْ أَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ فَاضِلاً
يُؤَلِّفُ أَشْتَـاتَ الْمَعَالِـي وَيَجْمَـعُ
رَزِينُ حَصَاةِ الْحِلْـمِ لا يَسْتَخِفُّـهُ
إِلَى اللَّهْوِ طَبْعٌ فَهْوَ بِالْجِـدِّ مُولَـعُ
تَلُوحُ عَلَيـهِ مِـنْ أَبِيـهِ شَمَائِـلٌ
تَدُلُّ عَلَى طِيبِ الْخِـلالِ وَتَنْـزِعُ
فَصَبْـرَاً جَمِيـلاً يَا سَلِيـمُ فَإِنَّمَـا
يُسِيغُ الْفَتَى بِالصَّبْـرِ مَـا يَتَجَـرَّعُ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مَـا أَصَابَـهُ
فَمَاذَا تُراهُ فِـي الْمُقَـدَّرِ يَصْنَـعُ
وَمِثْـلُكَ مَنْ رَازَ الأُمُـورَ بِعَقْلِـهِ
وَأَدْرَكَ مِنْـهَا مَـا يَضُـرُّ وَيَنْفَـعُ
فَلا تُعْطِيَنَّ الحُزْنَ قَلْبَـكَ وَاسْتَعِـنْ
عَلَيْهِ بِصَبْرٍ فَهْوَ فِي الْحُـزْنِ أَنْجَـعُ
وَهَاكَ عَلَـى بُعْـدِ الْمَـزَارِ قَرِيبَـةً
إِلَى النَّفْسِ يَدْعُوهَا الْوَفَـاءُ فَتَتْبَـعُ
رَعَيْتُ بِهَا حَقَّ الْوِدَادِ عَلَى النَّـوَى
وَلِلْحَقِّ فِي حُكْمِ الْبَصِيـرَةِ مَقْطَـعُ
من مواضيع بندق000
» لمسات ايطاليه سحريه
» عمرو دياب:: مش من السهل::فوكاال Ripped @ 192 kbps
» " كيف نفرق بين الثقه والغرور "
» استرجل واشرب ..بيريل
» قولــ للزمانــ ارجع يا زمانــ
» صراحتي
» فساتين كوووووووووووول
» التاريخ الاسلامي 2
» مطابخ خارجيه
» علاج السيليولايت والقولون لتحديد معالم الجسم
صحبة نت - توقيع بندق000
بندق000
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات بندق000
01-07-2008, 11:48 PM #2
بندق000
عضو رابطة النادي الاهلي
تاريخ التسجيل: 24/6/2008
الدولة: مصــــــــــر
المشاركات: 6,459
--------------------------------------------------------------------------------
أحموقة الغي
مَتَى أنتَ عَن أحموقةِ الغـيِّ نـازِعُ
وفِي الشَّيبِ للنَّفـسِ الأبيَّـةِ وازِعُ ؟
ألا إنَّ فِي تسـعٍ وعشريـنَ حِجَّـةً
لِكلِّ أخـى لَهـوٍ عن الَّلهـوِ رادعُ
فحتـامُ تصبيـكَ الغوانِـي بِدلِّهـا
وتَهفو بِليتيكَ الحمـامُ السَّواجـعُ ؟
أما لكَ فِي الماضيـنَ قبـلكَ زاجـرٌ
يَكفُّكَ عن هذا ؟ بلى ، أنتَ طامِـعُ
وهل يستفيقُ المرءُ من سُكرةِ الصِّـبا
إذا لَمْ تُهـذِّب جانبيـهِ الوقائـعُ ؟
يَرَى المرءُ عُنـوانَ المنـونِ بِرأسـهِ
ويذهـبُ يُلهـي نفسَـهُ ويصانِـعُ
ألا إنَّما هـذي الَّليالِـي عقـاربٌ
تدبُّ، وهذا الدَّهرُ ذئـبٌ مُخـادِعُ
فَلا تَحسَبَـنَّ الدَّهـرَ لعبَـةَ هـازلٍ
فمـا هـوَ إلاَّ صرفـهُ والفجائـعُ
فيا رُبَّما بـات الفَتَـى وهو آمـنٌ
وأصبحَ قَد سُـدَّت عليـهِ المطالِـعُ
ففيمَ اقتناءُ الدِّرعِ والسَّهـمُ نافِـذٌ ؟
وفيمَ ادِّخارُ المالِ والعُمـرُ ضائـعُ ؟
يَودُّ الفَتَى أن يَجمـعَ الأرضَ كُلَّـها
إليـهِ، ولَمَّـا يـدرِ ما اللهُ صانِـعُ
فقد يستحيلُ الـمالُ حتـفاً لِربِّـهِ
وتأتِـي علـى أعقابِهـنَّ المطامـعُ
ألا إنَّما الأيَّـامُ تَجـري بِحُكمِـها
فيُحـرمُ ذو كـدٍّ ، ويـرزقُ وادِعُ
فلا تقعـدَن للدَّهـر تنظـر غِبَّـهُ
على حَسـرةٍ، فاللهُ مُعـطٍ ومانـعُ
فلو أنَّ ما يُعطي الفَتَى قـدرُ نفسـهِ
لَمَا باتَ رِئبالُ الشَّرى وهوَ جائـعُ
ودَع كًلَّ ذي عقلٍ يسيـرُ بعقلـهِ
يُنـازِعُ مـن أهوائـهِ ما ينـازعُ
فما النَّاسُ إلاَّ كالَّـذي أنـا عالِـمٌ
قَدِيْماً ، وعلمُ الـمرءِ بالشِّيءِ نافِـعُ
ولستُ بِعـلاَّمِ الغيـوبِ ، وإنَّمـا
أرى بِلحاظِ الـرأيِ ما هـوَ واقِـعُ
وذرهُم يَخوضوا ، إنَّما هـي فتنـةٌ
لَهُم بينَـها عمَّـا قَليـلٍ مصـارِعُ
فَلَو عَلِمَ الإنسـانُ مَا هـوَ كائـنٌ
لَمَا نَامَ سُمَّـارٌ، ولا هـبَّ هاجِـعُ
وما هـذِهِ الأجسـامُ إلاَّ هياكـلٌ
مُصـوَّرةٌ، فيـها النُّفـوسُ ودائـعُ
فأينَ الـملوكُ الأقدمـونَ تَسنَّمـوا
قِلالَ العُلا ؟ فالأرضُ منهم بلاقِـعُ
مَضوا ، وأقامَ الدَّهرُ ، وانتابَ بَعدَهم
مُلوكٌ ، وبادوا ، واستهلَّت طلائـعُ
أرى كلِّ حيٍّ ذاهِبـاً بيـدِ الـرَّدى
فهل أحدٌ مِمَّـن ترحَّـلَ راجِـعُ ؟
أنادي بِأعلى الصوتِ، أسأل عنهـمُ
فهل أنتَ يا دهرَ الأعاجيبِ سامِعُ ؟
فإن كُنتَ لَمْ تَسمع نِداءً ، ولَمْ تُحرْ
جواباً، فأيُّ الشـيءِ أنتَ أنـازِعُ ؟
خيالٌ لَعمري ، ليسَ يُجدي طِلابـهُ
ومأسفةٌ تُدمـى عليـها الأصابِـعُ
فمن لِي وروعاتُ المُنَى طيفُ حالـمٍ
بِذي خُلَّةٍ تزكـو لَديـهِ الصنائـعُ؟
أشاطِـرهُ ودِّي، وأُفضـى لِسمعـهِ
بِسرِّي، وأُمليهِ المُنَـى وهـو رابِـعُ
لَعلِّي إذا صادفتُ فِي القـولِ راحـةً
نضَحتُ غليلاً ما روتـهُ المشـارِعُ
لعمرُ أبِي ، وهو الَّذي لَـو ذَكرتـهُ
لَمَا اختالَ فخَّارٌ، ولا احتالَ خـادِعُ
لَمَّا نازَعتنِي النَّفسُ فِي غيـرِ حَقِّـها
ولا ذلَّلتنِـي للرِّجـالِ الـمطامِـعُ
ومـا أنـا والدّنيـا نعيـمٌ ولـذَّةٌ
بِذي تَرفٍ تَحنـو عَليـهِ المضاجِـعُ
فلا السيفُ مَفلولٌ، ولا الرَّأيُ عازبٌ
ولا الزَّندُ مغلولٌ، ولا السَّاقُ ظالِـعُ
ولكنَّنِي فِي معشـرٍ لَم يقُـم بِهِـم
كريمٌ ، ولَم يركَب شبا السَّيفِ خالِعُ
لواعـبُ بالأسـماءِ يبتـدِرونـها
سَفاهاً، وبالألقـابِ، فهي بضائـعُ
وهل فِي التَّحلِّى بِالكُنَى من فضيلـةٍ
إذا لَم تزيَّـن بِالفعـالِ الطبائـعُ ؟
أُعاشِرهُمْ رَغماً ، ووُدِّي لو أنَّ لِـي
بِهِمْ نَعمـاً أدعـو بِـهِ فيُسـارِعُ
فيا قومُ، هبُّوا، إنَّما العُمـرُ فرصـةً
وفِي الدَّهرِ طُـرقٌ جَمَّـةٌ ومنافِـعُ
أصبراً على مـسِّ الـهوانِ وأنتـمُ
عديدُ الحصى؟ إنِّي إلـى اللهِ راجِـعُ
وكيـفَ تـرونَ الـذُلَّ دارَ إقامـةٍ
وذلكَ فضلُ اللهِ فِي الأرضِ واسِـعُ
أرى أرؤساً قَد أينعـتْ لِحصادِهـا
فأينَ-ولا أينَ- السُيوفُ القواطِـعُ ؟
فكونوا حصيداً خامدينَ، أوِ افزعـوا
إِلَى الحربِ حتَّى يدفعَ الضيمَ دافِـعُ
أهبتُ ، فعادَ الصَوتُ لَمْ يَقضِ حاجةً
إِلَيَّ ، ولبَّانِي الصَـدى وهوَ طائـعُ
فَلَـم أدري أنَّ الله صـوَّرَ قَبلكُـم
تَماثِيلَ لَمْ يُخلَـقْ لَهُـنَّ مسامِـعُ
فلا تَدعوا هَذي القلـوبَ ، فإنَّهـا
قواريـرُ مَحنِـيٌّ عَلَيـها الأضالِـعُ
ودُونَكمـوهَـا صعـدةً منطقيَّـةً
تفلُّ شبا الأرماحِ وهـيَ شـوارعُ
تسيرُ بِها الرُكبـانُ فِي كلِّ منِـزلٍ
وتلتفُّ مِن شَـوقٍ إِلَيـها المَجامـعُ
فمِنـها لِقـومٍ أوشُـحٌ وقـلائـدٌ
ومنهـا لِقـومٍ آخريـنَ جوامـعُ
ألا إنَّها تِـلكَ الَّتِـي لَـو تَنَزَّلَـت
عَلى جَبلٍ أَهوَتْ بِهِ، فَهُـو خاشِـعُ
أفتانة العينين
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْـنِ كُفِّـي عَنِ الْقَلْـبِ
وَصُونِي حِمَاهُ فَهُوَ مَنْزِلَـةُ الْحُـبِّ
ولا تُسْلِمِي عَيْنَيَّ للسُّهْـدِ والْبُكَـا
فَإِنَّهُمَا مَجْـرَى هَـواكِ إِلَى قَلْبِـي
وَإِنِّـي لَـراضٍ مِنْ هَـواكِ بِنَظْـرَةٍ
وَحَسْبِي بِها إِنْ أَنْتِ لَمْ تَبْخَلِي حَسْبِي
إِذا كَـانَ ذَنْبـِي أَنَّ قَلْبِـي مُعَلَّـقٌ
بِحُبِّكِ يَا لَيْلَـى فَلا تَغْفِـرِي ذَنْبِـي
يا من رأى
يَا مَـنْ رَأَى الشَّـادِنَ فِي سِرْبِـهِ
يَتِيـهُ بِالْحُـسْـنِ عَلَـى تِـرْبِـهِ
أَرْسَـلَ فَـرْعَيْـهِ لِكَـي يَعْبَثَـا
بِأُكْـرَتَـيْ نَهْدَيْـهِ مِـنْ عُجْبِـهِ
أَحْتَمِـلُ الْمَكْـرُوهَ مِـنْ أَجْلِـهِ
وَأَبْـذُلُ الْمَـالَ عَلَـى حُـبِّـهِ
قَـدْ لامَنِـي الْعَـاذِلُ فيـهِ ولَـوْ
رَأَى الْهُـدَى أَقْصَـرَ عَـنْ عَتْبِـهِ
وَهَلْ يُطِيقُ الْمَـرْءُ سَتْـرَ الْهَـوَى
مِنْ بَعْـدِ ما اسْتَوْلَـى عَلَـى لُبِّـهِ
تَقَـلُّـبُ الْعَـيـنِ دَلِيـلٌ عَلَـى
مـا أَضْمَـرَ الإِنْسَـانُ فِي قَلْبِـهِ
يـا سـامَـحَ اللهُ عُيُـونَ الْمَهَـا
فَهُـنَّ عَـوْنُ الدَّهْـرِ فِي حَرْبِـهِ
أَمَـا كَفَـى مَـا جَـرَّ أَحْدَاثُـهُ
حَتَّـى دَعَـا الْغِيـدَ إِلَـى حِزْبِـهِ
أراك الحمى
أَرَاكَ الْحِمَى شَوْقِي إِلَيْـكَ شَدِيـدُ
وصَبْرِي وَنَوْمِي فِي هَـوَاكَ شَريـدُ
مَضَى زَمَنٌ لَمْ يَأْتِنِي عَنْـكَ قَـادِمٌ
بِبُشْرَى ولَمْ يَعْطِـفْ عَلَـيَّ بَرِيـدُ
وَحِيدٌ مِنَ الْخُلانِ فِي أَرْضِ غُرْبَـةٍ
أَلا كُلُّ مَنْ يَبْغِـي الْوَفَـاءَ وَحِيـدُ
فَهَلْ لِغَرِيبٍ طَوَّحَتْـهُ يَـدُ النَّـوَى
رُجُـوعٌ وَهَـلْ لِلْحَائِمَـاتِ وُرُودُ
وَهَلْ زَمَنٌ وَلَّى وَعَيْـشٌ تَقَيَّضَـتْ
غَضَارَتُـهُ بَعْـدَ الذَّهَـابِ يَعُـودُ
أُعَـلِّلُ نَفْسِـي بِالقَدِيـمِ وَإِنَّمـا
يَلَذُّ اقْتِبَالُ الشَّـيءِ وَهْـوَ جَدِيـدُ
وَمَـا ذِكْـرِيَ الأَيَّـامَ إِلاَّ لأَنَّهـا
ذِمَـامٌ لِعِرْفَـان الصِّـبَا وَعُهـودُ
فَلَيْسَ بِمَفْقُودٍ فَتَىً ضَمَّـهُ الثَّـرَى
وَلَكِـنَّ مَنْ غَـالَ الْبِعَـاد فَقِيـدُ
أَلا أَيُّها الْيَوْمُ الَّـذِي لَمْ أَكُـنْ لَـهُ
ذَكُوراً سِوَى أَنْ قِيلَ لِي هُـوَ عِيـدُ
أَتَسْأَلُنَـا لُبْـسَ الجَدِيـدِ سَفَاهَـةً
وَأَثْوابُنَا ما قَـدْ عَلِمْـتَ حَدِيـدُ
فَحَظُّ أُنـاسٍ مِنْـهُ كَـأْسٌ وَقَيْنَـةٌ
وَحَـظُّ رِجـالٍ ذُكْـرَةٌ وَنَشِيـدُ
لِيهنَ بِهِ منْ باتَ جـذْلانَ ناعمـاً
أخا نشَـواتٍ مَـا عَليـهِ حَقـودُ
تَـرَى أَهلَـهُ مُستَبشِريـنَ بِقربِـهِ
فَهُمْ حَولَـهُ لاَ يَبْرَحُـونَ شُهُـودُ
إِذَا سَارَ عنهُمْ سَارَ وَهُـوَ مكـرَّمٌ
وإن عَادَ فِيهِمْ عَـادَ وَهُـوَ سَعيـدُ
يُخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّـذِي هُـوَ أَهلُـهُ
فَمُبـدِئُ شُكـرٍ تَـارَةً وَمُعِيـدُ
فَمَنْ لِغَرِيبٍ -سَرْنَسُوفُ- مُقَامُـهُ
رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّـامُ فَهْـوَ لَهِيـدُ
بِلادٌ بِهَـا مـا بِالْجَحِيـمِ وإِنَّمـا
مَكَانَ اللَّظَى ثَلْـجٌ بِهَـا وَجَلِيـدُ
تَجَمَّعتِ البُلغـارُ والـرُّومُ بينَـها
وَزَاحَمَهَا التَّاتَـارُ، فَهِـيَ حُشُـودُ
إِذَا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِـمْ
هَدِيداً تَكَـادُ الأَرْضُ مِنْـهُ تَمِيـدُ
قِبَاحُ النَّوَاصِي والوُجُـوهِ، كأنَّهُـمْ
لِغَيـرِ أَبِـي هَـذا الأَنـامِ جُنُـودُ
سَواسِيَـةٌ لَيْسُـوا بِنَسْـلِ قَبيلَـةٍ
فَتُـعْـرَف آبـاءٌ لَهُـمْ وجُـدُودُ
لَهُمْ صُوَرٌ لَيْسَتْ وُجُوهـاً وإِنَّمـا
تُنَـاطُ إِلَيْـهَا أَعْـيُـنٌ وَخُـدودُ
يَخُورُونَ حَولِي كَالْعُجُولِ وَبَعْضُهُمْ
يُهَجِّنُ لَحْنَ الْقَـوْلِ حِيـنَ يُجِيـدُ
أَدُورُ بِعَينِـي لا أَرَى بَيْنَهُـمْ فَتَـىً
يَرُودُ مَعِي فِي الْقَـوْلِ حَيْـثُ أَرُودُ
فَلا أَنَـا مِنْهُـمْ مُسْتَفِيـدٌ غَرِيبَـةً
وَلا أَنَـا فِيهِـمْ ما أَقَمْـتُ مُفِيـدُ
فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَـتْ قَبْـلَ هَـذِهِ
بِمِصْرَ وَعَيْشِي لَـوْ يَـدُومُ حَمِيـدُ
عَسَى اللهُ يَقضِي قُربَةً بَعـدَ غُربَـةٍ
فَيَـفـرَحَ باللُّقيَـا أَبٌ وَوَلِـيـدُ
في رثاء أمه
هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما
فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه
منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وَ أيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها
مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ
فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا
وَ منْ عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة ٌ
وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً
فإنْ نالها أنحى لأخرى ، وصمما
طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً
منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ
وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة ِ لانْتَمَى
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا، وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ
نحلُّ كما حلوا ، وَ نرحلُ مثلما ؟
مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ
تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ
أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي
يميلُ عليهِ مائلاً وَ مقوا
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ، وَ لمْ يكنْ
رآهْ ، فيا للهِ ! كيفَ تهكما ؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة
جزافاً ، وَ منْ لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها
كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي
غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى
وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي
سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ
لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ ؛ فأوشكتْ
سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ ، فتسجما
إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً
وَ فللتَ صمصاماً ، وَ ذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي ، وَ كنتُ محارباً
فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا
لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي
عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
وَعَادَ كِلاَ الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي
على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ
مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً
فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وَ كيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ
منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما ؟
تألمتُ فقدانَ الأحبة ِ جازعاً
وَ منْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وَ قدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً
فكيفَ وَ قدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَة ٍ
وَ منْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ
منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما
فيا ليتنا كنا تراباً ، وَ لمْ نكنْ
خلقنا ، وَ لمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة ً؛ فَأَصَابَنَا
وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة ً؛ فَتَحَكَّمَا
وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ
وَ قدْ أهلكَ الحيينِ : عاداً ، وَ جرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى
وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ، وَيُصْمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً
وَ أخلفَ وعداً ، وَ استحلَّ محرما
فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها
عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وَ إني لأدري أنَّ عاقبة َ الأسى
ـ وإِنْ طَالَ ـ لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً
عَلَيْهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ
ألفتُ هواها : ناشئاً ، وَ محكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً
بِدَمْعٍ، وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا
فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى
وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة َ رَاحِلٍ
تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة ٍ
منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة َ اللمى
وَ لاَ زالَ ريحانُ التحية ِ ناضراً
عليكِ ، وَ هفافُ الرضا متنسما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي
أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ
وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ
إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا