الحيا÷ الدينية في مصر الفرعونية
-أولاً: تعدد الآلهة
تعددت الآلهة التى عبدها المصريون القدماء منذ أن كانت البلاد مقسمة إلى أقاليم (42 إقليماً) قبل توحيدها على يد "مينا"، وكان لكل إقليم معبوده الخاص، يقيمون له المعابد، ويصنعون له التماثيل، ويلتفون حوله فى الأعياد، فقد عبد أحد الأقاليم (الصقر) رمز القوة، وإقليم آخر عبد (البقرة) رمز البر والحنان، وقدَّس فريق آخر الشمس … وهكذا. وعندما كان يزداد شأن مدينة أو دولة كانت تنتشر عبادة إلهها، مثل عبادة الإله "بتاح" Ptah فى منف عاصمة الدولة القديمة، وعبادة الإله "أوزوريس" Osiris فى عصر الدولة الوسطى، وعبادة الإله "آمون" فى عصر الدولة الحديثة.
انظر أيضاً: الحياة الثقافية والفكرية والعلمية فى مصر الفرعونية: أسطورة إيزيس وأوزوريس (أسطورة خيالية توضح لنا الكثير من معتقدات القدماء المصريين)
لوحة من مقبرة "سينيدجوم" بـ"دير المدينة" فى البر الغربى بالأقصر، ويظهر فيها الإله "آمون رع" Amon-Ra برأس صقر محاطاً بقرص الشمس. و"آمون رع" هو مزيج من الإله "آمون" إله "طيبة"، والإله "رع" إله الشمس.
لوحة من الأسرة الـ 18 معروضة حالياً بمتحف "تورين" بإيطاليا، وتُصور الإله "أوزوريس" إله الموتى (فى وسط اللوحة) مع الإله "أنوبيس" Anubis (إله آخر للموتى) الذى يظهر برأس ابن آوى (على يمين اللوحة).
لوحة من مقبرة مصرية قديمة بـ"الدير البحرى" تُصور الإله "أنوبيس" (برأس ابن آوى) أثناء قيامه بتحضير مومياء. وفى العقيدة الدينية المصرية القديمة، كان "أنوبيس" هو الإله الذى يضع روح (قلب) الميت على الميزان أمام القضاة فى العالم الآخر.
تمثال من البرونز عُثر عليه بـ"ممفيس" للعجل "أبيس" Apis المقدس لدى الفراعنة، والذى كانوا يعتبرونه الرمز المادى (الذى يتجسد على هيئته) للإله "بتاح" أو الإله "أوزوريس".
لوحة للإله "خنوم" Khnum الذى يُصور برأس كبش وله معبد على اسمه بمدينة إسنا.
الإله "حورس" Horus إله السماء والنور والخير.
ثانياً: الاعتقاد فى البعث والخلود
اعتقد المصريون القدماء أن الإنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود، إذ تصعد روحه إلى السماء وصوروها على شكل طائر، وأن جسم الإنسان إذا ظل سليماً بعد الدفن عادت إليه الروح من السماء. فالموت فى نظر المصريين القدماء لم يكن هو النهاية، فبعده يحيا الإنسان حياة جديدة.
أثر عقيدة البعث والخلود فى حياة المصريين
اهتم المصريون بحفظ جثث الموتى عن طريق تحنيطها، ووضعها فى قبور حصينة (مما دفعهم إلى بناء الأهرامات الضخمة).
مومياء الملك "تحتمس الثانى".
والتحنيط عملية برع فيها المصريون القدماء، وكانت سراً من أسرارهم الخاصة، بها استطاعوا حفظ الجثة سليمة لتحل بها الروح وتعيش ثانية إلى الأبد. دفن المصريون جثث موتاهم فى رمال الصحراء ذات الشمس القوية، حتى تجففها وتحفظها من التلف. ووضع المصريون مع الميت كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب وأدوات، ليستعين بها الميت فى حياة الخلود.
ثالثاً: الاعتقاد فى الحساب بعد الموت
محاكمة الموتى - بردية جنائزية من "طيبة" ترجع لحوالى عام 1025 ق.م ويظهر فيها الإله "أنوبيس" وهو يزن قلب الميت بميزان العدالة، بينما الإله "أوزوريس" إله الموتى (على اليمين) يتابع المحاكمة.
آمن المصرى القديم أن الروح تتعرض بعد الموت لمحاكمة تتناول ما أتاه الميت فى دنياه من حسنات وسيئات، فيجازى المُحسن على إحسانه، ويعاقب المُسىء على سيئاته. وكانت المحكمة مؤلفة من 42 قاضياً يمثلون أقاليم مصر، وعلى رأسهم الإله أوزوريس إله الموتى، وكان قلب الميت يوضع فى إحدى كفتى ميزان، وفى الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل الإلهة "معات" Maat إلهة الصدق والعدالة وإبنة الإله "رع"، فإن خفت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه طاهر فيكون مصيره الجنة، أما إذا ثقلت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه آثم فيساق إلى عذاب الجحيم. واعتقاد المصريين القدماء فى الثواب والعقاب فى الآخرة، دفعهم إلى تسجيل أعمالهم الحسنة، والتبرؤ من أعمالهم السيئة.
انظر أيضاً: طيبة - وادى الملوك (الجزء الثانى): لمحة عن الفكرة الدينية التى كانت سائدة فى عصر الدولة الحديثة
"كتاب الموتى" هو اسم أُطلق على مجموعة كبيرة من النصوص الجنائزية المصحوبة برسوم والتى ترجع إلى تواريخ مختلفة ووُجدت فى أماكن مختلفة. وتحتوى هذه النصوص الدينية على صيغ سحرية وتراتيل وصلوات غرضها هو - حسب اعتقاد قدماء المصريين - توجيه وحماية الروح (كا) أثناء رحلتها فى عالم الموتى (أمينتى). وقد اعتقد قدماء المصريين أن معرفة هذه النصوص من شأنها أن تجنب الروح معوقات الشياطين التى تحاول أن تُعرقل تقدمها، ومن شأنها أيضاً مساعدة الروح على اجتياز اختبارات الـ 42 قاضياً التابعين للإله "أوزيريس" فى العالم الآخر. وهذه الصورة هى لرسم على ورق بردى من أحد هذه الكتب يرجع إلى عصر الدولة الحديثة - الأسرة 21 (محفوظ حالياً بإحدى متاحف "فيينا" بالنمسا) ويظهر فيه إله الموتى "أنوبيس" مع مومياء.
رابعاً: السمو إلى الوحدانية
اتجه المصريون القدماء فى عهد "أخناتون" أحد ملوك الدولة الحديثة نحو التوحيد، واعتقدوا أن الله واحد لا شريك له، فقد اعتبر "أخناتون" أن هذا الكون له إله واحد هو قرص الشمس "آتون" Aten الذى يرسل أشعته على سكان الأرض فيحمل لهم النور والحياة، وللإله "آتون" الجديد بُنيت المعابد المفتوحة للسماء.
انظر أيضاً: "تل العمارنة"
مقتطفات من نشيد لأخناتون، يترنم فيه لمعبوده آتون
أيها الواحد الأحد الذى لا إله غيره.
خلقت الأرض على هواك أيها الواحد الأحد.
لك الخلق من ناس وحيوان ودابة.
يا من يضىء المشرق بنوره.
فتملأ الأرض بجمالك.
أيها الجميل.
القوى الرائع.
تعاليت فامتد نورك على الأرض.
نموذج سفينة وُجدت فى مقبرة "توت عنخ آمون" (1347 - 1338 ق.م).
أثر الدين فى حياة المصريين القدماء
لولا العقيدة الدينية لما خلف لنا المصريون القدماء تلك النماذج الرائعة فى العمارة والفن والأدب، فعقيدتهم فى البعث هى التى جعلتهم يحنطون جثث موتاهم، مما أدى إلى تقدمهم فى علوم الكيمياء والطب.
عُثر على هذه العلبة فى مقبرة "توت عنخ آمون"، وهى مصنوعة من الذهب والخشب على شكل "عنخ" ankh رمز الحياة.
وكان للدين أثره فى ازدياد نفوذ رجال الدين فى بعض الأحيان، حتى تمكنوا من السيطرة على الحكم والوصول إلى العرش. كما أن اعتقاد المصرى القديم فى وجود آلهة تحكم على أعماله، دفعه إلى العمل على إرضاء الآلهة وتنفيذ ما أمر به الدين من فضائل كالصدق وعمل الخير.
-أولاً: تعدد الآلهة
تعددت الآلهة التى عبدها المصريون القدماء منذ أن كانت البلاد مقسمة إلى أقاليم (42 إقليماً) قبل توحيدها على يد "مينا"، وكان لكل إقليم معبوده الخاص، يقيمون له المعابد، ويصنعون له التماثيل، ويلتفون حوله فى الأعياد، فقد عبد أحد الأقاليم (الصقر) رمز القوة، وإقليم آخر عبد (البقرة) رمز البر والحنان، وقدَّس فريق آخر الشمس … وهكذا. وعندما كان يزداد شأن مدينة أو دولة كانت تنتشر عبادة إلهها، مثل عبادة الإله "بتاح" Ptah فى منف عاصمة الدولة القديمة، وعبادة الإله "أوزوريس" Osiris فى عصر الدولة الوسطى، وعبادة الإله "آمون" فى عصر الدولة الحديثة.
انظر أيضاً: الحياة الثقافية والفكرية والعلمية فى مصر الفرعونية: أسطورة إيزيس وأوزوريس (أسطورة خيالية توضح لنا الكثير من معتقدات القدماء المصريين)
لوحة من مقبرة "سينيدجوم" بـ"دير المدينة" فى البر الغربى بالأقصر، ويظهر فيها الإله "آمون رع" Amon-Ra برأس صقر محاطاً بقرص الشمس. و"آمون رع" هو مزيج من الإله "آمون" إله "طيبة"، والإله "رع" إله الشمس.
لوحة من الأسرة الـ 18 معروضة حالياً بمتحف "تورين" بإيطاليا، وتُصور الإله "أوزوريس" إله الموتى (فى وسط اللوحة) مع الإله "أنوبيس" Anubis (إله آخر للموتى) الذى يظهر برأس ابن آوى (على يمين اللوحة).
لوحة من مقبرة مصرية قديمة بـ"الدير البحرى" تُصور الإله "أنوبيس" (برأس ابن آوى) أثناء قيامه بتحضير مومياء. وفى العقيدة الدينية المصرية القديمة، كان "أنوبيس" هو الإله الذى يضع روح (قلب) الميت على الميزان أمام القضاة فى العالم الآخر.
تمثال من البرونز عُثر عليه بـ"ممفيس" للعجل "أبيس" Apis المقدس لدى الفراعنة، والذى كانوا يعتبرونه الرمز المادى (الذى يتجسد على هيئته) للإله "بتاح" أو الإله "أوزوريس".
لوحة للإله "خنوم" Khnum الذى يُصور برأس كبش وله معبد على اسمه بمدينة إسنا.
الإله "حورس" Horus إله السماء والنور والخير.
ثانياً: الاعتقاد فى البعث والخلود
اعتقد المصريون القدماء أن الإنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود، إذ تصعد روحه إلى السماء وصوروها على شكل طائر، وأن جسم الإنسان إذا ظل سليماً بعد الدفن عادت إليه الروح من السماء. فالموت فى نظر المصريين القدماء لم يكن هو النهاية، فبعده يحيا الإنسان حياة جديدة.
أثر عقيدة البعث والخلود فى حياة المصريين
اهتم المصريون بحفظ جثث الموتى عن طريق تحنيطها، ووضعها فى قبور حصينة (مما دفعهم إلى بناء الأهرامات الضخمة).
مومياء الملك "تحتمس الثانى".
والتحنيط عملية برع فيها المصريون القدماء، وكانت سراً من أسرارهم الخاصة، بها استطاعوا حفظ الجثة سليمة لتحل بها الروح وتعيش ثانية إلى الأبد. دفن المصريون جثث موتاهم فى رمال الصحراء ذات الشمس القوية، حتى تجففها وتحفظها من التلف. ووضع المصريون مع الميت كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب وأدوات، ليستعين بها الميت فى حياة الخلود.
ثالثاً: الاعتقاد فى الحساب بعد الموت
محاكمة الموتى - بردية جنائزية من "طيبة" ترجع لحوالى عام 1025 ق.م ويظهر فيها الإله "أنوبيس" وهو يزن قلب الميت بميزان العدالة، بينما الإله "أوزوريس" إله الموتى (على اليمين) يتابع المحاكمة.
آمن المصرى القديم أن الروح تتعرض بعد الموت لمحاكمة تتناول ما أتاه الميت فى دنياه من حسنات وسيئات، فيجازى المُحسن على إحسانه، ويعاقب المُسىء على سيئاته. وكانت المحكمة مؤلفة من 42 قاضياً يمثلون أقاليم مصر، وعلى رأسهم الإله أوزوريس إله الموتى، وكان قلب الميت يوضع فى إحدى كفتى ميزان، وفى الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل الإلهة "معات" Maat إلهة الصدق والعدالة وإبنة الإله "رع"، فإن خفت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه طاهر فيكون مصيره الجنة، أما إذا ثقلت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه آثم فيساق إلى عذاب الجحيم. واعتقاد المصريين القدماء فى الثواب والعقاب فى الآخرة، دفعهم إلى تسجيل أعمالهم الحسنة، والتبرؤ من أعمالهم السيئة.
انظر أيضاً: طيبة - وادى الملوك (الجزء الثانى): لمحة عن الفكرة الدينية التى كانت سائدة فى عصر الدولة الحديثة
"كتاب الموتى" هو اسم أُطلق على مجموعة كبيرة من النصوص الجنائزية المصحوبة برسوم والتى ترجع إلى تواريخ مختلفة ووُجدت فى أماكن مختلفة. وتحتوى هذه النصوص الدينية على صيغ سحرية وتراتيل وصلوات غرضها هو - حسب اعتقاد قدماء المصريين - توجيه وحماية الروح (كا) أثناء رحلتها فى عالم الموتى (أمينتى). وقد اعتقد قدماء المصريين أن معرفة هذه النصوص من شأنها أن تجنب الروح معوقات الشياطين التى تحاول أن تُعرقل تقدمها، ومن شأنها أيضاً مساعدة الروح على اجتياز اختبارات الـ 42 قاضياً التابعين للإله "أوزيريس" فى العالم الآخر. وهذه الصورة هى لرسم على ورق بردى من أحد هذه الكتب يرجع إلى عصر الدولة الحديثة - الأسرة 21 (محفوظ حالياً بإحدى متاحف "فيينا" بالنمسا) ويظهر فيه إله الموتى "أنوبيس" مع مومياء.
رابعاً: السمو إلى الوحدانية
اتجه المصريون القدماء فى عهد "أخناتون" أحد ملوك الدولة الحديثة نحو التوحيد، واعتقدوا أن الله واحد لا شريك له، فقد اعتبر "أخناتون" أن هذا الكون له إله واحد هو قرص الشمس "آتون" Aten الذى يرسل أشعته على سكان الأرض فيحمل لهم النور والحياة، وللإله "آتون" الجديد بُنيت المعابد المفتوحة للسماء.
انظر أيضاً: "تل العمارنة"
مقتطفات من نشيد لأخناتون، يترنم فيه لمعبوده آتون
أيها الواحد الأحد الذى لا إله غيره.
خلقت الأرض على هواك أيها الواحد الأحد.
لك الخلق من ناس وحيوان ودابة.
يا من يضىء المشرق بنوره.
فتملأ الأرض بجمالك.
أيها الجميل.
القوى الرائع.
تعاليت فامتد نورك على الأرض.
نموذج سفينة وُجدت فى مقبرة "توت عنخ آمون" (1347 - 1338 ق.م).
أثر الدين فى حياة المصريين القدماء
لولا العقيدة الدينية لما خلف لنا المصريون القدماء تلك النماذج الرائعة فى العمارة والفن والأدب، فعقيدتهم فى البعث هى التى جعلتهم يحنطون جثث موتاهم، مما أدى إلى تقدمهم فى علوم الكيمياء والطب.
عُثر على هذه العلبة فى مقبرة "توت عنخ آمون"، وهى مصنوعة من الذهب والخشب على شكل "عنخ" ankh رمز الحياة.
وكان للدين أثره فى ازدياد نفوذ رجال الدين فى بعض الأحيان، حتى تمكنوا من السيطرة على الحكم والوصول إلى العرش. كما أن اعتقاد المصرى القديم فى وجود آلهة تحكم على أعماله، دفعه إلى العمل على إرضاء الآلهة وتنفيذ ما أمر به الدين من فضائل كالصدق وعمل الخير.