ولد صالح سليم يوم 11 سبتمبر سنة 1930،
كان
والده الدكتور محمد سليم أحد رواد أطباء التخدير في مصر حتى صار أكبر و
أعظم دكتور تخدير في مصر، عمل الدكتور سليم مع اكبر و أعظم الجراحين في
مصر، فكان يقف خلف الستار في العمليات الحساسة و المهمة
و معروف عن الدكتور سليم إنسانيته، فكان يزور مرضاه بعد العمليات للاطمئنان عليهم.
تعرف
الدكتور سليم على السيدة: زينب هاشم والدة صالح أثناء إجراء لها عملية
بمعرفة الدكتور مورد باشا الذي عمل معه الدكتور سليم مدة طويلة و أعجب
الدكتور سليم بها و طلب يدها و تزوجا
و
السيدة والدة صالح من العائلة الهاشمية و والدها من أشراف مكة و ترك أهلها
مكة و هاجروا إلى تركيا، ثم استقروا أخيرا في مصر حيث تزوجت زينب هاشم
الدكتور سليم و أنجبوا ثلاثة أولاد ذكور صالح و عبد الوهاب و طارق
شجع الدكتور سليم على لعب كرة القدم و كان عامل مهم جدا في تألق صالح في هذه اللعبة. بينما والدة صالح كانت تفضل أن
يلعب صالح التنس أو يمارس لعبة البولو (لعبة الأرستقراطيين و قد انقرضت في مصر)
و
شب صالح في منزل مليء بالفن الرفيع و الذوق الجميل، فكان الدكتور سليم
يهوى العزف على الآلات الموسيقية، كذلك والدة صالح كانت تجيد العزف على
البيانو كمعظم السيدات هوانم ذلك الوقت. تأثر صالح بهذا الجو رفيع المستوى
فشب يحب الموسيقى ومتذوق جميع ألوان و أصناف الفنون
تواجد
صالح في منطقة الدقي و كان عمره ستة سنوات حينما سكنوا في بيت يملكه جيران
أفاضل بشارع عامر بجوار ميدان عبد المنعم الذي أصبح ميدان المساحة
تتذكر
السيدة الفاضلة زينب هانم الوكيل حرم السفير المرحوم كامل خليل ( و هي في
نفس الوقت شقيقة الدكتور العظيم إبراهيم الوكيل الذي عمل مع الدكتور سليم
بمستشفى مورو و ترأس الدكتور إبراهيم الوكيل النادي الأهلي)
تقول
زينب هانم أن صالح في السن المبكر هذا كان يتمتع بصفات حميدة لا يمكن أن
ننساها فكان يتحلى بإنسانية و عطف على المغلوب على أمرهم منذ صغره كانوا
يلعبون معا في حديقة البيت مع باقي أولاد الجيران
و
كان يمر عليهم بائع الجيلاتي و الدندرمه و اسمه عم عطا الله فكانت ترى
صالح يتوجه إليه و يعطيه بعض القروش، قد تكون كل مصروفه و يعود دون أن
يأخذ الدندرمه، و حينما تسأله كان صالح يقول أنه رجل غلبان وهو يحاول
مساعدته
و تروي أيضا السيدة الجليلة زينب هانم الوكيل أن صالح و الذي يصغرها سنا، كانت له شخصية جذابة، يحبه جميع أولاد المنطقة
و بدأ يظهر حب صالح سليم لكرة القدم في تلك السن المبكر، سبع سنوات
كان يكفي صالح أن ينزل إلى الشارع حتى يلتف حوله جميع الأطفال و يبدأ لعبة الكرة
كان صالح يلعب الكرة مع أولاد الجيران في منطقة يحيطها مجموعة من بيوت البشوات في منطقة ميدان المساحة الآن.
كان
هناك محمود المحروش باشا و سليمان باشا السيد و أحمد عبد الفتاح باشا و
حسنين باشا و عبد القادر باشا دياب و كامل باشا الوكيل و غيرهم كثيرين
كان بعض هؤلاء البشوات يزعجهم الضجيج المنبعث من الأولاد خلال لعبهم الكرة في منطقة الميدان المغطاة بالنجيل،
فكانوا يرسلون من يحاول إيقافهم أو منعهم عن اللعب، و كان صالح يتصدى لهم، فكان من صفاته العند على الحق منذ الصغر،
و يهرب جميع الأطفال إلا صالح يستمر في اللعب وحده دون ضجيج حتى يتجمع حوله أولاد المنطقة مرة أخرى
و
انتقلت عائلة صالح سليم من شارع عامر إلى شارع عكاشة و هناك استمر صالح في
لعب الكرة حيث كانت الفرق من الأحياء المختلفة تقابل بعضها البعض
ظهور الموهبة
التحق
صالح منذ صغره بمدرسة الأورمان الابتدائية وكان عمره أقل من ثمان سنوات
وكانت عائلته انتقلت من شارع كامي إلي شارع عكاشة في نفس حي الدقي وعلى
مسافة غير بعيدة من البيت الأول الذي بدء منه لعب الكرة في الشارع
واستمر
صالح يلعب الكرة في شارع عكاشة (الذي أصبح الآن شارع صالح سليم) وأثناء
وجوده في فصل الرابعة الابتدائية بالاورمان الابتدائية بدء يلعب الكره
داخل المدرسة فكان يذهب إلي المدرسة قبل موعد الدراسة ليلعب مع الفريق قبل
دخول الفصول كان ذلك تحت أشراف ضابط المدرسة سيد أفندي الذي أشرك صالح في
فريق المدرسة بعد أن اكتشف مهارته الفائقة خلال مشاهدته لصالح وهو يلعب
الكرة .
اشترك صالح في بعض المباريات التي تخوضها المدرسة أمام المدارس الأخرى العديدة والسبب تألقه في هذه المباريات،
شاهده
الأستاذ حسن كامل الذي كان يشرف على فريق أشبال النادي الأهلي وعرض عليه
الانضمام إلي أشبال النادي الأولي ووافق الدكتور سليم والد صالح على أن
يشترك صالح في أشبال النادي الأهلي – كان صالح في ذلك الوقت تلميذ مجتهد
وحصل على الابتدائية وهو في الأورمان ، انتقل صالح بعد ذلك إلي مدرسة
السعيدية لاستكمال دراسته وكانت مدرسة السعيدية تضم مجموعة كبيرة من
الطلبة اشتهروا بعدها في عالم الكرة أمثال محمد الجندي وحنفي بسطان ومحمد
أمين وغيرهم .
أصبحت
مدرسة السعيدية مركزاً للعب الكرة والتدريب المتواصل بالنسبة لصالح سليم
ولشلة شارع عكاشة الذي أحيل إلي المعاش كملعب للكر ةخلال دراسته بمدرسة
السعيدية كان صالح يتمتع بمكانة مرموقة في دوري المدارس وبدأ صالح يتمتع
بحب الجميع في المدرسة وبفضل صالح استطاع فريق السعيدية أن يواصل
الانتصارات وبدأ يلمع ويتألق في مباريات منتخبات المناطق
ولم
يكن صالح مهتم كثيراً بالمذاكرة في ذلك الوقت الذي كان فيه صالح بطلاً
لكرة القدم في المدارس الثانوية وأصبح أسمه معروف على مستوى المدارس جمعاء
.
وقع خلاف بينه وبين إدارة مدرسة السعيدية فقرر صالح ترك المدرسة والانضمام إلي مدرسة الإبراهيمية.
كان الكثيرون بعائلة دكتور سليم يعتقدون أن الطفل صالح سيتألق في الرسم بالفرشاة.. غير أن هذه الهواية سرعان ما تحولت
إلي
كرة القدم، لما بدأ يمارسها في حوش مدرسة الاورمان النموذجية، وهو في
التاسعة من عمره.. إلي أن قرأ في لوحة الإعلانات بالمدرسة أن فريق المدرسة
يحتاج إلي لاعبين جدد تقدم واختاره (سيد أفندي) ضابط المدرسة ليلعب في
الفريق.
النادى الاهلى
وفي المباراة النهائية بين الأورمان والجمعية الخيرية الإسلامية- وكان رئيس فريقها المرحوم عبد العزيز همامي ظهير مصر والأهلي
بعد ذلك – وقعت عينا المرحوم حسين كامل كشاف الأهلي على صالح (وكان قد بلغ 11 سنة من عمره) وعرض عليه الانضمام
إلي فريق الأشبال الذي كونه مختار التيتش لأول مرة.
لمع صالح – بمواظبته ومواهبه- حتى لعب في الفريق الأول سنة 1948 – أي وعمره 18 سنة – وبدأ في مركز الجناح الأيسر
ولعب أول مباراة رسمية مع النادي المصري ببورسعيد .. واستهان به جمهورها، وقال له البعض: أخرج العب بعيد يا شاطر..
ثم
تحولت الاستهانة إلي تصفيق وإعجاب، لما أحرز صالح هدفا صعباً في الزاوية الضيقة قبيل نهاية المباراة.
[center]
السفر الى انجلترا
ديلي أكسبريس لندن تكتب عن صالح
وقد استلفت صالح سليم أنظار الصحافة الخارجية في المباريات التي كانت تتابعها لمصر في الخارج أو في القاهرة. وفي مناسبة
زيارة نادي توتنهام هوتسبيرز الإنجليزي للقاهرة لمقابلة منتخب الزمالك والأهلي في نوفمبر 1962، كتبت عنه جريدة "ديلي
اكسبريس" اللندنية عمودا بعنوان: المايسترو يسخن استعداداً للسبيرز.. قالت فيه عن صالح "انه نجم السينما ولاعب الكرة الذي
يضع فيه المصريون أملهم في غزو مرمى توتنهام.. وهو عند مصر في منزلة ستانلي ماتيوس عند انجلترا .ممتاز في ضربات الرأس
ويذكرنا بلاعبنا الكبير تومي لوتون
صالح سليم (32 سنة ) هو كابتن مصر والأهلي، الذي فاز ببطولة الدوري 12 سنة متتالية .. وهو كذلك كابتن المنتخب الذي
سيقابل توتنهام.. وقد أطلقت عليه الجماهير لقب "المايسترو" بعد أول مباراة دولية لعبها منذ عشر سنوات مضت
الإحتراف في النمسا
عن لسان المرحوم صالح سليم وللكاتب عبد المجيد نعمان
في موسم 62/1963، تلقيت من فريتز المدرب النمسوي السابق للأهلي برقية ثم خطاباً مطولاً يعرض فيه أن أنضم لنادي جراتز
الذي قرر – لسوء النتائج- تغيير إدارته وجهاز تدريبه، ومن الاعبين اثنين أجنبيين أنا أحدهما إذا وافقت.
ورأيت أن أوافق لأعرف حقيقة مستواي الدولي بعد أن عرفته على المستوى المحلي.. لبيت الدعوة.. وكان الدوري الأول قد انتهى
والدوري متوقفاً في شهري ديسمبر ويناير بسبب سقوط الجليد، ليبدأ الدوري الثاني في فبراير.
بعد
وصولي، أشركوني في عدة مباريات تجريبية، وقد تسبب اختلاف طبيعة أرض
الملاعب عنها في مصر في أنني بدأت أشعر – لأول مرة – بما يشبه الشد في
عضلات الساقين.. وعولجت على الفور بالتدليك تحت الماء لأول مرة
صالح سليم الممثل
اجتذبت شهرة صالح وشعبيته المنتجين السينمائيين إليه.. وكان أولهم صديقه المخرج عز الدين ذو الفقار بعد أن مثل فيلم السبع
بنات، اختاره لبطولة فيلم الشموع السوداء أمام نجاة الصغيرة .. بدلاً من صديقه عمر الشريف النجم العالمي الذي اعتذر لارتباطه
بعدة أفلام لشركة كولومبيا.
وقد تولى عز الدين تدريب صالح ثلاثة شهور على التمثيل والإلقاء... ومع هذا – وبرغم وسامته وانه فوتوجنيك- فانه لم ينجح لا في
الشموع
السوداء ولا في السبع بنات،أو الباب المفتوح.. والسبب الأول هو أنه في
حياته العادية لا يعرف كيف يمثل.. ما في قلبه على وجهه، وعلى لسانه.
وبرغم
إصرار أصدقائه السينمائيين: عز الدين وصلاح ذو الفقار وفاتن حمامة واحمد
رمزي وفريد شوقي وجمال الليثي على أن يعطي نفسه فرصة رابعة إلا أنه رفض..
خاصة بعد أن تجمعت لفيلم الباب المفتوح كل أسباب النجاح: القصة للأديبة
لطيفة الزيات، والإخراج لبركات،والتصوير لوحيد فريد.. والبطلة سيدة الشاشة
فاتن حمامه.. ومع هذا لم ينجح هو.
رحلته مع المرض
لم
يكن صالح سليم في حاجة لكل هذا التعب وكل هذا الألم والعذاب والمعاناة
ليدرك أن مصر تحبه كل هذا الحب وتحمل له كل هذا التقدير والاهتمام
والاحترام
لم
يكن صالح سليم في حاجة لأن يستسلم لمواجعه التي ترافقه وتلازمه فوق فراش
المرض في مستشفي لندن كلينيك لتراه مصر اوضح وأعمق وأدق بدون تعب والم
ومعاناة كانت مصر ولا تزال تحب صالح سليم وتحترمه بدون مرض أو عذاب ووجع
كانت مصر ولا تزال ترى في صالح سليم احد رموز احد نجومها أحد ابنائها
الذين استمدوا منها كل ما في قلوبهم وبين أيديهم من قوة وشموخ وعناد
وكبرياء
مصر كلها بتحبك يا صالح
ولا احد يعلم وقتها ما الذي يفكر فيه صالح .. ولا المشاعر التي باتت تسكن روحه وقلبه وذاكرته وهو يرقد في فراشه محاصراً
باهتمام
الميع وانشغالهم وسؤالهم عن حالته وصحته واصواتهم التي تأتيه من القاهرة
وإن لم يسمعها بنفسه ولكنها تبقى مشحونة بحب حقيقي وقلب لا أدعاء فيه ولا
نفاق ورسائل من الجميع تبغي الاطمئنان على نجم مصر الكبير.
اهتمام جماعي..
بداية
من الرئيس مبارك الذى اتصل مساء الأحد قبل الماضي بالسفارة المصرية في
لندن ليطمئن على صحة صالح وحالته ويطلب وتوفير كل ما قد يحتاجه النجم
الكبير الي أن ينتصر على أوجاعه ويعود الي وطنه.. وحتى المواطنين البسطاء
في الشارع الذين لم يعرفوا صالح عن قرب ولا سبق وأن التقوا به ولكنهم
احسوا بالخوف عليه وارادوه أن يعوداليهم والي بيته الحقيقي الذي ليس في
الزمالك وإنما في قلوب كثيرين ووجدانهم وذاكرتهم.
لا
أعرف ما الذي يفكر فيه صالح الآن بعدما اكتشف كل ذلك وأحس بكل هذا الحب
والاهتمام الذي أحاط به في كل لحظة ألم أو آه ووجع.. ولكنني واثق رغم ذلك
ما حدث كان مفاجأة لصالح سليم.. لم يكن هذا الاهتمام مفاجئاً لأي أحد الا
صالح نفسه الذي كنت معه في بيته قبل سفرهالي لندن سألته لماذا تعمد وأصر
علىالا يحكي لأي أحد عن تفاصيل مرضه فقال لي لأنها حكاية لاتهم أحدا. .
فأوجاعه تبقى في النهاية ملكا له وحده وعذاباته لا تخص أحداً غيره وحين
اختلفت معه ولم أوافقه الرأي أصر على رأيه وموقفه.. واعتقد الآن أنه
سيراجع نفسه ولن يبقي علىاصراره وعناده بأن صحته لا تهم أحدا سواه حتى لمن
يعرفهم صالح ولم يلتق بهم ولو مرةواحدة طوال حياته.
واعتقد
ان صالح لن يغير رأيه فقط.. وإنما سيقاتل ضد كل ما يحس به من ألم ليعود
لكل الذين أحبوه واحترموه والذين ينتظروه هنا في القاهرة وفي كل مدينة أو
قرية مصرية ..فهؤلاء هم القوة الحقيقة التي يحتاج اليها صالح الآن.. هؤلاء
ومشاعرهم ودعواتهم هم الدواءالحقيقي الذي يحتاجه صالح ليواجه مرضاً انقص
الكثير جداً من قدرة جسده لكنه عجز أن يمس روحه أو كبرياءه.
مرضه
بدأ عام 1998 حين كان صالح على موعد مع الطبيب الإنجليزي ليتسلم منه نتيجة
الفحص الدوري الذي اعتاد أن يجريه كل ستة أشهر.. في ذلك اليوم في شهر مارس
بالتحديد – كان صالح في طريقه الي المستشفي ليستلم النتيجة..
وكانت
معه حفيدته نورا هشام صالح سليم.. طلبت نورا من جدها أن تأكل الهامبرجر
وأن تذهب الي السينما .. ووعدها صالح بتحقيق ما كانت تريده وتحلم به ولكن
بعد المرور على المستشفي .. وفي المستشفي لم يكن الطبيب ضاحكاً كما اعتاد
أن يراه صالح كل ستة أشهر ولم يضع الطبيب الانجليزي وقتاً .. طلب من صالح
الجلوس وأخبره أن نتيجةالفحص الأخيرة أثبتت أن صالح مريض بسرطان الكبد.
ولم
يهتز صالح ولم يخلف حتى وعده لحفيدته نورا اخذها الي أحد المطاعم لتأكل
الهامبرجر وأصطحبها الي أحدى دور السينما لتشاهد الفيلم التي كانت تود
مشاهدته لم ير في نبأ اصابته بالسرطان مبررا ًلأن يخلف وعداً حتى وإن كان
وعد لحفيدته الصغيرة لم يعتقد أن اصابته بالسرطان تكفي لأن يجرح احساس
حفيدته ويحرمها من بهجة كانت تفتش عنها وتنتظرها.
وعاد
صالح في آخر اليوم الطويل إلي بيته ولم يشأ أن يخبر زوجته بمرضه.. قال لي
أنه فضل أن يخبرها في الصباح ليتركهاتقضي ليلةهادئة بلا أرق أو دموع.. وفي
الصباح التالي قال صالح لزوجته أنه مريض بالسرطان وكان يتمنى لو لم يخبرها
حتى لا يزعجها أو يثير قلقهاومخاوفها.. كان يتمنى أيضاً لو لم يخبر أي أحد
على الأطلاق ويبقى وحده في مواجهة مرضه بكل ما قد يأتي به هذاالمرض من
هموم وأوجاع وعذاب.. فهذا هو صالح سليم الذي لا يعرفه كثيرون جبل من
كبرياء صعب جداً أن ينكسر أو يستسلم مهما كانت فواتير ذلك من وحدة أو غربة
أوحزن صامت ونبيل.
في
اليوم التالي.. كان صالح في المستشفي مرة اخري ليناقش مع أطبائه أسلوب
علاجه إن كان هناك علاج.. يومها قال الأطباء لصالح أن السرطان الذي ظهر
مؤخراً في نصف الكبد لا يمكن استئصاله.. لأن النصف الآخر اصابه التليف
نتيجة اصابة قديمة بفيورس سي.. قال الأطباء أيضاً أن سن صالح لم تعد تسمح
بإجراء جراحة زراعة الكبد .. وقتهاضحك صالح وقال لاطبائه هل معنى حديثهم
أنه لم يعد يملك الا انتظار الموت.. فقال له الاطباء أنهم لم يقصدوا ذلك
ولكنهم يريدون موافقته علىأسلوب جديد للعلاج لا يزال حديثاً وفي إطار
التجريب وهو العلاج الكيماوي الموضعي أي حقن المادة الكيماوية داخل الكبد
نفسه وفي المنطقة المصابة بالسرطان وأن يتزامن ذلك مع علاج حراري أيضاً
لقتل الخلايا السرطانية داخل الكبد.
ووافق
صالح على العلاج الذي لا يزال في ضوء التجربة وافق وكتب تعهداً للأطباء
بأنه المسئول الأول عن اختيار هذا العلاج لو أدي الي عواقب لم
يتوقعهاالأطباء وكان هذا العلاج يستدعي أن يذهب صالح لأطبائه كل ثلاثة
أشهر ليقضي معهم يومين في المتشفي يحقنوه خلالهما بالعلاج الكيماوي
الموضعي ويخضعونه لأشعة مقطعية لبحث ما إذا بدت خلايا سرطانية جديدة في
الكبد أم لا، ومضت الأعوام القليلة التالية وصالح ملتزم بنظام العلاج
محفاظ عليه.. والي جانب الالتزام والحرص على مواعيد العلاج وانتظامها بقى
صالح أيضاً مقتنعا أن كل ما جري ويجري له إنما هو أمر يخصه هو وحده ولا
شأن لأحد بذلك وليس من الضروري أن يعرف الناس بذلك.. وحتى حين بدأ البعض
يهاجم صالح وينتقد رئيس النادي الأهلي الذي يقضي معظم أوقاته في لندن..
حتى حين بدأ البعض يشيعون أن صالح إنما يذهب بهذه الكثرة الي لندن لأنه
يمارس التجارة هناك أو لأنه لا يطيق البقاء في القاهرة. .
بقى
صالح رغم ذلك ملتزما بالصمت.. منعه كبرياؤه أن يرد على هؤلاء قائلا أنه لا
يذهب الي لندن للفسحة أو للتجارة أو لأنه لا يطبق البقاء في القاهرة وإنما
يذهب الي لندن للعلاج ومواجهة غول اسمه السرطان.. وكلما كنت أناقش هذا
الأمر مع صالح وأطالبه بأن يحكي حكايته مع السرطان والألم والوجع حتي يدرك
الناس الحقيقة كان يرفض لسببين.. أولهما اعتقاده القديم بأن حالته الصحية
لا تعني شيئالأحد سواه.. والسبب الثاني رغبته في الا يتاجر بمرضه والا
يصبح وجعه سبباً لأن يعطف أو يشفق عليه أحد.. وبقي صالح ملتزماً بالصمت
حتى سفره الأخير الي لندن وهناك اكتشف الأطباء أن خلايا سرطانية بدأت
تنتشر وتخرج من الكبد لتصيب جزءا من القولون والأمعاء فكان لابد من
الجراحة واستئصال هذا الخلايا السرطانية كان لابد من البقاء في المستشفى
لمواجهة ذلك.. كان لابد وأن ينتشر خبر ابقاءه صالح سراً على كثيرين طيلة
أربع سنوات فكانت المفاجأة مفاجأة لصالح وحده وليس لأي أحد غيره فالكثيرون
جداً وعلى اختلاف مستوياتهم ومجالاتهم وحتى انتماءاتهم الكروية الرياضية
اكتشف صالح وأدرك أن صحته تهمهم.. اكتشف صالح أيضاً واكتشفنا كلنا معه أنه
لم يعد مجرد رئيس لنادي رياضي حتى وأن كان النادي الأهلي بكل شعبيته
ومكانته وتاريخه الطويل وإنما صالح أحد رموز الكرة والرياة المصرية.. قلعة
الكبرياء التي لم تستسلم أبداً ولم تسقط لتسقط معها مبادئها وقيمها مهما
كان الثمن ومهما كانت المغريات أو المكاسب لا أول لها أو آخر.. رجل يمكن
أن تتفق معه أو تختف ولكنك لا تملك في النهايةالا أن تحترمه.. رجل لم يجد
طيلة حياته ما يجعله مضطرا لأن يكذب أو ينافق أويجامل أي أحد .. رجل لم
يغره أي شىء بأن يتنازل عن اسمه او تاريخه أو احترامه لنفسه واحترام
الآخرين له.. رجل لم يبحث يوما عن دور ولم يجر وراء شهرة أو أضواء مهما
كان بريقها ولمعانها.. رجل لم يعرف أبداً ولم يحترام انصاف الحلول ولا
أنصاف الطرق.. فحين يقوم بعمل ما لابد وأن ينهيه.. وليست هناك وجوه في
حياة صالح يمنحها نصف حب أو نصف احترام.. إنه فقط يحب ويكره .. يحترم أولا
يحترم.. هكذا ببساطة وكل وضوح.. رجل ارتبط بالنادي الأهلي بعد علاقة طويلة
وجميلةاستمرت منذ عام 1944 وحتىالآن .. رجل لابد وأن يدرك الكثيرون الآن
أن نجاحاته وشعبيته وكل هذاالحب الذي رأيناه في عيون الجميع وتحت جلودهم
لم يكن بسبب كرةالقدم أو نتيجة لنجاحات صالح سليم كلاعب كرة فمع تقديري
واحترامي لكرة القدم ومع اقتناعي أنها لعبة صنعت شهرة صالح سليم.. إلا
أنني واثق تماما أن الكرة لا علاقة لها لا بشخصية صالح ولا نجاحه ومكانته
كماهي الآن.. فإذا كانت الكرة قد أعطت صالح شهرته في بداية مشواره ومنحته
اهتمام الناس والإعلام به وحاصرته بأضواء لا أول لها ولأ آخر فإن هذه
الكرة لم تبخل بكل ذلك على كثير جداً من النجوم لكن بقى لدينا في النهاية
صالح سليم واحد فقط.. ثم أنه مهما كان نجاح صالح سليم وشهرته كلاعب كرة
فإن نجاحاته خارج ملاعب الكرة أضعاف نجاحاته كلاعب.
الحكايةإذن
ليست كرة القدم وليست عدد بطولات أو ضخامة انصارات إنما هي شخصية صالح
سليم نفسها.. أسباب توافرت وأدت الي ذلك دون أن يكون لصالح دخل فيها..
وأخرى كانت بإختيار صالح وإرادته وإصراره.
وإذا
كانت شخصية صالح كانت هي السر وراء نجاح صالح سليم وشعبيته ومكانته فإنه
من الظلم أن نغفل شريكة صالح في رحلته.. المرأة التي وقفت بجانبه واقتسمت
معه كل خطوة ودفعت معه بحب وصدق ثمن كل نجاح أو حلم يتحقق.. إنها زينب
لطفي زوجة صالح وشريكة حياته.. فزينب لم تكن لصالح مجرد زوجة... ولاحتى
مجرد حبيبية التقاها في بدايات العمر فاقتسم معها عمره كله.. إنما كانت
زينت بالنسبة لصالح ولا تزال هي سنده الحقيقي وقوته.. هي قلعته التي لجأ
اليها فوجد أمانه وكبرياه كلما ضاقت الدنياأمامه وأغلقت أبوابها في وجهه
وعلى الرغم من ملامح صالح التي قد تبدو جادة وصلبة أكثر من اللازم إلا أن
كل هذه الملامح تفيض بالعذوبة والرومانسية والشاعرية أيضاً حين يقتسم صالح
مع زينب أي حوار أو أية خطوة أو أي يوم وفي النهاية .. لابد من التأكيد
على أن صالح نجح لأنه أحب حياته كما عاشها واختارها ودفع ثمنها.. فهو
مقتنع أن أي إنسان لن ينجح الا إذاأحب حياته أولا وقبل كل شىء ويعترف صالح
انه لم ينج إلا لأنه أحب حياته وأحب أن يعيشها وأسفر هذا الحب عن أحلام
تجي حلماً وراء آخر.. لا تتحقق كلها لكن تبقي الحياة رغم ذلك ممكنة يعيشها
صالح بلا نهاية ولا يأس ولا إحباط ولا إحساس بأن الفرصة ضاعت أو أن الوقت
قد فات.. وأن كان هناك كثيرون بيننا يعتبرون حياتهم انتهت في سن الأربعين
أو الخمسين فإن صالح على العكس... يؤمن أنه طالما على قيد الحياة فلابد
وأن هناك فرصةووقت لتعلم شىء جديد وهو الامر الذي يجعلنا نطالب صالح بأن
ينتصر على أزمته الأخيرة وعلى كل عذاباته وأوجاعه ليرجع الينا بنفس
كبريائه الجميل ونفس عناده وقوته وصلابته وحبه للأهلي وللناس ولمصر كلها.
رحيل المـــــايســـــترو
المبادىء والأخلاق وحب الجماهير
مصر تودع صالح سليم
لأن
الرموز لا تموت في قلوب عاشيقها ولا تبارح وجدان الشعوب فسوف يظل "صالح
سليم" متجسداً بين جنبات ذويه ومحبيه وأصدقائه ومائلا في أذهان الملايين
من جماهير كرة القدم المصرية الذين هاموا به دون أن يشاهدوه فكان حبا بلا
مقابل.. عبر عنه – دون زيف أو رتوش- ذلك المشهد المهيب الذي واكب جثمانه
في صورة شبه أسطورية حتي مثواه الأخير بمدافن العائلة، بل الآلاف من
الجماهير الوفية- بمختلف انتمائاتها- بادرت باستئجار السيارات وسارت خلف
موكب الجنازة الذي تقدمته مركبات الشرطة لإفساح الطريق المكتز بالمشيعين
على كلا جانبيه.. وأعاد الي أذهاننا جنازتي "أم كلثوم" و"عبد الحليم
حافظ".
كان
"صالح سليم" مثلا أعلي لكل من عرفه.. فهو "المايسترو" في كل شىء في
المابدء والاخلاق والتواضع والاعتزام بالنفس ونكران الذات .. تماماً كما
كان "المايسترو" داخل البساط الأخضر عندما لتمس قدمه الكرة.. التي أعطاها
الكثير أخلاصاً وتفانياً فمنحته حباً من الملايين بلا حدود.. ليس من
جماهير النادي الاهلي فقط وإنما من مختلف الانتماءات الرياضية.
كان
"صالح سليم" على عكس ما تخيل البعض، شخصية متواضعة الي أبعد حد يحمل بين
جنبيه قدراً هائلاً من المشاعر الإنسانية التي تجلت في العديد من
المواقف.. أذكر أنه ذهب- منذ ثلاث سنوات- لزيارة اللاعب "حسام حسن" حين
كان يعالج في مستشفى مصر الدولي من إصابته الشهيرة في فقرات الظهر، التي
كاد أن يترك الملعب بسببها، ولم يكن "صالح " –رحمه الله- يتردد على اماكن
علاج لاعبي هذا الجيل .. وفوجىء "المايسترو" بأن حسام يرقد في غرفة عادية
لا ترقىالي مستوى لاعب دولي، وعلى الفور طلب نقله الي "سويت خاص" يتناسب
مع نجوميته.. ثم سأل "حسام": هل ترغب في استكمال العلاج هنا او تفضل أن
تسافر الي المانيا؟ فرد ثابت البطل – الذي كان يرافق المايسترو – يتعالج
هنا يا كابتن" فنهره "صالح سليم" بقوله : "أنا بأسأله.. "فقال حسام":
"ألمانيا أحسن" ولم يتوان" الكابتن": وطلب من "ثابت" أن يحجز له من "بكره"
وسافر "حسام" وعاد الي الملاعب دون أن يغيب عن خاطره ذلك الموقف الإنساني
للمايسترو "صالح سليم"، ورمبا لهذا السبب – أو لغيره أيضا- شاهدنا "حسام"
ضمن أوائل المعزين الذين أمتدوا في صف طويل لم يسبق أن رأيناه في مناسبات
العزاء.
لقد
صنع "صالح سليم" اسمه ونجوميته باحترامه لمبادئه ولنفسه فكان من حقه أن
يحترمه الجميع، وأن يخلدوه ويمنحوه شهرةوشعبية لم ينلها – وقد لا ينهالها-
أي نجم في تاريخ كرة القدم المصرية والعربية والأفريقية أيضاً.. فلم يكن
غريباً- أذن – أن يحتشد داخل سرادق العزاء لمواساة أسرته أكثر من عشرة
آلاف شخصية بداية من علاء وجمال مبارك ابني رئيس الجمهورية.
ومروراً بالوزارء وجميع الرياضيين ورجال الأعمال والفنانني .. وجماهير المواطنين البسطاء الذين عشقوه دون أن يروه.
وقد
لفت انتباه المعزين داخل السرادق صورتان جديرتان بالتسجيل الأولى وجود
الفريق "عبد المحسن كامل مرتجي" الرئيس الأسبق للنادي الأهلي بين الحضور..
والثانية ظهور اللاعب الشاب"أحمد حسام" المحترف وقتها في نادي "أياكس"
الهولندي، الذى جاء خصيصاً لتقديم واجب العزاء وسافر فجر اليوم التالي
للحاق بفريقه الذي يخوض اليوم التالى المباراة النهائية في بطولة كأس
هولندا.
ومن
المواقف التي تدل على تواضع "صالح سليم" – رحمه الله- أن تصادف قبل سفره
الي "لندن": في رحلةعلاجه الأخيرة، ولحظة خروجه من أحد الفنادق عقب توقيع
أحد عقود شركته الخاصة، أن استوقفه "منادي السيارات" التابع للفندق، وقال
له: "أنا زملكاوي يا كابتن" لكن باحبك ونفسي أتصور معاك" وبعد أن كان
"صالح سليم" قد دخل سيارته، نزل منها بكل تواضع ليلبي رغبةالشاب البسيط
رافضاً أن تلتقط الصورة وهو جالس بالسيارة بينما "المنادي" يقف خارجها،
وقال مازحاً"أنانزلت لك علشان أنت زملكاوي".
وقد
لا يعرف الكثيرون أن الكابتن "صالح سليم" والكاتب الكبير "محمد حسنين
هيكل" متزوجان من شقيقتين.. وقد لا يعرف الكثيرون أيضاً أن "المايسترو"
كان يعشق الهدوء ويكره الضجيج .. وربما كان ذلك سر تفضيله – رحمه الله-
قضاء معظم وقته في "لندن" وعند وجوده في "القاهرة" كان يقضي إجازة
نهايةالأسبوع في فندق شهير بالإسكندرية،وذلك أثناء الثمانينيات، وعندما
أزدحمت الإسكندرية في بداية التسعينيات اتجه شرقا الي "الغردقة" ثم انتقل
في العامين الأخيرين الي قرية الدبلوماسيين بالساحل الشمالي، حيث يرافقه
شقيقا زوجته "محمد وعماد تيمور" وحفيدته "نور" ابنة الفنان "هشام سليم".
ومن
المواقف التي تؤكد اعتزاز "صالح" بنفسه – وكانت تلك أبرز سماته – ما حدث
في منتصف الثمانينات عندما كان يجلس بمقصورة استاد القاهرة ضمن عدد من
الشخصيات لمشاهدة إحدى المباريات المهمة، حيث فوجىء باحد المذيعين يضع
الميكروفون أمام وجهه طالباً رأيه في المباراة فقال له المايسترو :"مش
الأصول إنك كنت تعرفني الأول إنك عاوز حديث مني، لا ان تفاجئني بوضع
ميكروفونك أمام عيني بهذه الطريقة"!
ومنذ
تلك اللحظة قرر "صالح سليم" مقاطعة التلفزيون وعدم الظهور في أي من برامجه
احتجاجاً على سوء تصرف مذيع.. ربما لم يكن يدرك من هو "الكابتن صالح
سليم"!
والكابتن
"صالح سليم" كانت له صداقات عديدة مع الفنانين، ودائماً ما كان يفضل قضاء
الوقت معهم، ومنهم الفنان الراحل"فريد شوقي" الذي كان يمضي سهراته معه
بالإسكندرية خلال الصيف، وفي أحد المطاعم الشهيرة بحي الزمالك عندما يكون
في القاهرة.. وكانت تربطه علاقات وطيدة بعدد من الفنانين الكبار أيضاً
أمثال عمر الشريف وأحمد رمزي وعادل إمام وصلاح السعدي الذي كان قريباً الي
قلبه وظل صديقاً له عشرات السنين، وكذلك فاروق الفيشاوي والمخرجين
الشقيقين"عمر ومحمد عبد العزيز" والراحل مصطفى متولي، والفنان عبد الله
فرغلي الذي حرص "المايسترو" على حضور زفاف ابنته منذ ثلاث سنوات بفندق
"شبرد" على الرغم من عزوفه عن حضور "الأفراح" في السنوات الأخيرة.
سألته
مرة مزيعة عن سبب الأداء غير اللائق لفريق الأهلي، والذي لا يرضى جماهيره،
فرد – رحمه الله - بحكمة ورزانة: "الاحتراف الوهمي أفسد اللاعبين الذين
أصبح همهم الأول هوالفلوس.. وانتهى عهد الولاء للأندية".
ومن
المشاهد المؤثرة التي لمسها المعزون خلال وجودهم بالسراق الحزن البالغ
الذي بدأ على ملامح شقيقه "طارق سليم" وظل متماسكاً بصعوبة، وهو يردد لأحد
المقربين:"فقدت كل حاجة في حياتي.. أخويا وصاحبي وحبيبي.. كل اللي باحبهم
ماتوا..وصالح كان حاجة كبيرة ومثلي الأعلى.
أما
آخر ما فكر فيها "المايسترو" قبل أن يرحل فهوالنادي الأهلي وجماهيره
الوفية، فقد طلب من شقيقه "طارق" أن يعود الي القاهرة ليكون بجوار الفريق
في مبارياته المتبقية من عمر الدوري.. لكن عمر "المايسترو" كان أسرع..
ولأن "الوفاء" سمة لا تنمحي عن كل من ينتمي الي القلعةالحمراء .. فقد
تعاهد لاعبو فريق الكرة فيما بينهم على ألا يفرطوا في دروع الدوري العام
التي تقرر أن تحمل اسم الراحل الرمز الذي عشقته الجماهيرة فألفت لروحه
هتافاً يقول:"صالح سليم قال لناا.. الدوري حيفضل عندنا".
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.
أما
ما لا يعلمه جمهور الزمالك فهو أن الصالة المغطاة بناديهم من إنشاءات شركة
المقاولات التي يمتلكها "المايسترو" الراحل .. فهي التي رسا عليها العطاء
ذات يوم عندما تقدمت الي مناقصة لإقامتها.
لقد
رحل صالح سليم لكنه سيظل مدى الحياة يعيش في قلوب جماهيره ومحبيه وعشاقه
خاصة جماهير الدرجة الثالثة المخلصين الذين لا يعرفون ماذا سيفعلون ولا
الي من سيلجئون عندما لا يؤدي اللاعبون مباريات قوية تسعدهم فلن أنس وأنا
أشاهد مباريات الأهلي عندما كان اللاعبون يتخاذلون في أداء المباريات فكان
عشرات الآلاف من الجماهير يهتفون "روحوا لصالح وقولولوه الأهل مذعل جمهوره
"
رحمك الله يا صالح
كان
والده الدكتور محمد سليم أحد رواد أطباء التخدير في مصر حتى صار أكبر و
أعظم دكتور تخدير في مصر، عمل الدكتور سليم مع اكبر و أعظم الجراحين في
مصر، فكان يقف خلف الستار في العمليات الحساسة و المهمة
و معروف عن الدكتور سليم إنسانيته، فكان يزور مرضاه بعد العمليات للاطمئنان عليهم.
تعرف
الدكتور سليم على السيدة: زينب هاشم والدة صالح أثناء إجراء لها عملية
بمعرفة الدكتور مورد باشا الذي عمل معه الدكتور سليم مدة طويلة و أعجب
الدكتور سليم بها و طلب يدها و تزوجا
و
السيدة والدة صالح من العائلة الهاشمية و والدها من أشراف مكة و ترك أهلها
مكة و هاجروا إلى تركيا، ثم استقروا أخيرا في مصر حيث تزوجت زينب هاشم
الدكتور سليم و أنجبوا ثلاثة أولاد ذكور صالح و عبد الوهاب و طارق
شجع الدكتور سليم على لعب كرة القدم و كان عامل مهم جدا في تألق صالح في هذه اللعبة. بينما والدة صالح كانت تفضل أن
يلعب صالح التنس أو يمارس لعبة البولو (لعبة الأرستقراطيين و قد انقرضت في مصر)
و
شب صالح في منزل مليء بالفن الرفيع و الذوق الجميل، فكان الدكتور سليم
يهوى العزف على الآلات الموسيقية، كذلك والدة صالح كانت تجيد العزف على
البيانو كمعظم السيدات هوانم ذلك الوقت. تأثر صالح بهذا الجو رفيع المستوى
فشب يحب الموسيقى ومتذوق جميع ألوان و أصناف الفنون
تواجد
صالح في منطقة الدقي و كان عمره ستة سنوات حينما سكنوا في بيت يملكه جيران
أفاضل بشارع عامر بجوار ميدان عبد المنعم الذي أصبح ميدان المساحة
تتذكر
السيدة الفاضلة زينب هانم الوكيل حرم السفير المرحوم كامل خليل ( و هي في
نفس الوقت شقيقة الدكتور العظيم إبراهيم الوكيل الذي عمل مع الدكتور سليم
بمستشفى مورو و ترأس الدكتور إبراهيم الوكيل النادي الأهلي)
تقول
زينب هانم أن صالح في السن المبكر هذا كان يتمتع بصفات حميدة لا يمكن أن
ننساها فكان يتحلى بإنسانية و عطف على المغلوب على أمرهم منذ صغره كانوا
يلعبون معا في حديقة البيت مع باقي أولاد الجيران
و
كان يمر عليهم بائع الجيلاتي و الدندرمه و اسمه عم عطا الله فكانت ترى
صالح يتوجه إليه و يعطيه بعض القروش، قد تكون كل مصروفه و يعود دون أن
يأخذ الدندرمه، و حينما تسأله كان صالح يقول أنه رجل غلبان وهو يحاول
مساعدته
و تروي أيضا السيدة الجليلة زينب هانم الوكيل أن صالح و الذي يصغرها سنا، كانت له شخصية جذابة، يحبه جميع أولاد المنطقة
و بدأ يظهر حب صالح سليم لكرة القدم في تلك السن المبكر، سبع سنوات
كان يكفي صالح أن ينزل إلى الشارع حتى يلتف حوله جميع الأطفال و يبدأ لعبة الكرة
كان صالح يلعب الكرة مع أولاد الجيران في منطقة يحيطها مجموعة من بيوت البشوات في منطقة ميدان المساحة الآن.
كان
هناك محمود المحروش باشا و سليمان باشا السيد و أحمد عبد الفتاح باشا و
حسنين باشا و عبد القادر باشا دياب و كامل باشا الوكيل و غيرهم كثيرين
كان بعض هؤلاء البشوات يزعجهم الضجيج المنبعث من الأولاد خلال لعبهم الكرة في منطقة الميدان المغطاة بالنجيل،
فكانوا يرسلون من يحاول إيقافهم أو منعهم عن اللعب، و كان صالح يتصدى لهم، فكان من صفاته العند على الحق منذ الصغر،
و يهرب جميع الأطفال إلا صالح يستمر في اللعب وحده دون ضجيج حتى يتجمع حوله أولاد المنطقة مرة أخرى
و
انتقلت عائلة صالح سليم من شارع عامر إلى شارع عكاشة و هناك استمر صالح في
لعب الكرة حيث كانت الفرق من الأحياء المختلفة تقابل بعضها البعض
ظهور الموهبة
التحق
صالح منذ صغره بمدرسة الأورمان الابتدائية وكان عمره أقل من ثمان سنوات
وكانت عائلته انتقلت من شارع كامي إلي شارع عكاشة في نفس حي الدقي وعلى
مسافة غير بعيدة من البيت الأول الذي بدء منه لعب الكرة في الشارع
واستمر
صالح يلعب الكرة في شارع عكاشة (الذي أصبح الآن شارع صالح سليم) وأثناء
وجوده في فصل الرابعة الابتدائية بالاورمان الابتدائية بدء يلعب الكره
داخل المدرسة فكان يذهب إلي المدرسة قبل موعد الدراسة ليلعب مع الفريق قبل
دخول الفصول كان ذلك تحت أشراف ضابط المدرسة سيد أفندي الذي أشرك صالح في
فريق المدرسة بعد أن اكتشف مهارته الفائقة خلال مشاهدته لصالح وهو يلعب
الكرة .
اشترك صالح في بعض المباريات التي تخوضها المدرسة أمام المدارس الأخرى العديدة والسبب تألقه في هذه المباريات،
شاهده
الأستاذ حسن كامل الذي كان يشرف على فريق أشبال النادي الأهلي وعرض عليه
الانضمام إلي أشبال النادي الأولي ووافق الدكتور سليم والد صالح على أن
يشترك صالح في أشبال النادي الأهلي – كان صالح في ذلك الوقت تلميذ مجتهد
وحصل على الابتدائية وهو في الأورمان ، انتقل صالح بعد ذلك إلي مدرسة
السعيدية لاستكمال دراسته وكانت مدرسة السعيدية تضم مجموعة كبيرة من
الطلبة اشتهروا بعدها في عالم الكرة أمثال محمد الجندي وحنفي بسطان ومحمد
أمين وغيرهم .
أصبحت
مدرسة السعيدية مركزاً للعب الكرة والتدريب المتواصل بالنسبة لصالح سليم
ولشلة شارع عكاشة الذي أحيل إلي المعاش كملعب للكر ةخلال دراسته بمدرسة
السعيدية كان صالح يتمتع بمكانة مرموقة في دوري المدارس وبدأ صالح يتمتع
بحب الجميع في المدرسة وبفضل صالح استطاع فريق السعيدية أن يواصل
الانتصارات وبدأ يلمع ويتألق في مباريات منتخبات المناطق
ولم
يكن صالح مهتم كثيراً بالمذاكرة في ذلك الوقت الذي كان فيه صالح بطلاً
لكرة القدم في المدارس الثانوية وأصبح أسمه معروف على مستوى المدارس جمعاء
.
وقع خلاف بينه وبين إدارة مدرسة السعيدية فقرر صالح ترك المدرسة والانضمام إلي مدرسة الإبراهيمية.
كان الكثيرون بعائلة دكتور سليم يعتقدون أن الطفل صالح سيتألق في الرسم بالفرشاة.. غير أن هذه الهواية سرعان ما تحولت
إلي
كرة القدم، لما بدأ يمارسها في حوش مدرسة الاورمان النموذجية، وهو في
التاسعة من عمره.. إلي أن قرأ في لوحة الإعلانات بالمدرسة أن فريق المدرسة
يحتاج إلي لاعبين جدد تقدم واختاره (سيد أفندي) ضابط المدرسة ليلعب في
الفريق.
النادى الاهلى
وفي المباراة النهائية بين الأورمان والجمعية الخيرية الإسلامية- وكان رئيس فريقها المرحوم عبد العزيز همامي ظهير مصر والأهلي
بعد ذلك – وقعت عينا المرحوم حسين كامل كشاف الأهلي على صالح (وكان قد بلغ 11 سنة من عمره) وعرض عليه الانضمام
إلي فريق الأشبال الذي كونه مختار التيتش لأول مرة.
لمع صالح – بمواظبته ومواهبه- حتى لعب في الفريق الأول سنة 1948 – أي وعمره 18 سنة – وبدأ في مركز الجناح الأيسر
ولعب أول مباراة رسمية مع النادي المصري ببورسعيد .. واستهان به جمهورها، وقال له البعض: أخرج العب بعيد يا شاطر..
ثم
تحولت الاستهانة إلي تصفيق وإعجاب، لما أحرز صالح هدفا صعباً في الزاوية الضيقة قبيل نهاية المباراة.
[center]
السفر الى انجلترا
ديلي أكسبريس لندن تكتب عن صالح
وقد استلفت صالح سليم أنظار الصحافة الخارجية في المباريات التي كانت تتابعها لمصر في الخارج أو في القاهرة. وفي مناسبة
زيارة نادي توتنهام هوتسبيرز الإنجليزي للقاهرة لمقابلة منتخب الزمالك والأهلي في نوفمبر 1962، كتبت عنه جريدة "ديلي
اكسبريس" اللندنية عمودا بعنوان: المايسترو يسخن استعداداً للسبيرز.. قالت فيه عن صالح "انه نجم السينما ولاعب الكرة الذي
يضع فيه المصريون أملهم في غزو مرمى توتنهام.. وهو عند مصر في منزلة ستانلي ماتيوس عند انجلترا .ممتاز في ضربات الرأس
ويذكرنا بلاعبنا الكبير تومي لوتون
صالح سليم (32 سنة ) هو كابتن مصر والأهلي، الذي فاز ببطولة الدوري 12 سنة متتالية .. وهو كذلك كابتن المنتخب الذي
سيقابل توتنهام.. وقد أطلقت عليه الجماهير لقب "المايسترو" بعد أول مباراة دولية لعبها منذ عشر سنوات مضت
الإحتراف في النمسا
عن لسان المرحوم صالح سليم وللكاتب عبد المجيد نعمان
في موسم 62/1963، تلقيت من فريتز المدرب النمسوي السابق للأهلي برقية ثم خطاباً مطولاً يعرض فيه أن أنضم لنادي جراتز
الذي قرر – لسوء النتائج- تغيير إدارته وجهاز تدريبه، ومن الاعبين اثنين أجنبيين أنا أحدهما إذا وافقت.
ورأيت أن أوافق لأعرف حقيقة مستواي الدولي بعد أن عرفته على المستوى المحلي.. لبيت الدعوة.. وكان الدوري الأول قد انتهى
والدوري متوقفاً في شهري ديسمبر ويناير بسبب سقوط الجليد، ليبدأ الدوري الثاني في فبراير.
بعد
وصولي، أشركوني في عدة مباريات تجريبية، وقد تسبب اختلاف طبيعة أرض
الملاعب عنها في مصر في أنني بدأت أشعر – لأول مرة – بما يشبه الشد في
عضلات الساقين.. وعولجت على الفور بالتدليك تحت الماء لأول مرة
صالح سليم الممثل
اجتذبت شهرة صالح وشعبيته المنتجين السينمائيين إليه.. وكان أولهم صديقه المخرج عز الدين ذو الفقار بعد أن مثل فيلم السبع
بنات، اختاره لبطولة فيلم الشموع السوداء أمام نجاة الصغيرة .. بدلاً من صديقه عمر الشريف النجم العالمي الذي اعتذر لارتباطه
بعدة أفلام لشركة كولومبيا.
وقد تولى عز الدين تدريب صالح ثلاثة شهور على التمثيل والإلقاء... ومع هذا – وبرغم وسامته وانه فوتوجنيك- فانه لم ينجح لا في
الشموع
السوداء ولا في السبع بنات،أو الباب المفتوح.. والسبب الأول هو أنه في
حياته العادية لا يعرف كيف يمثل.. ما في قلبه على وجهه، وعلى لسانه.
وبرغم
إصرار أصدقائه السينمائيين: عز الدين وصلاح ذو الفقار وفاتن حمامة واحمد
رمزي وفريد شوقي وجمال الليثي على أن يعطي نفسه فرصة رابعة إلا أنه رفض..
خاصة بعد أن تجمعت لفيلم الباب المفتوح كل أسباب النجاح: القصة للأديبة
لطيفة الزيات، والإخراج لبركات،والتصوير لوحيد فريد.. والبطلة سيدة الشاشة
فاتن حمامه.. ومع هذا لم ينجح هو.
رحلته مع المرض
لم
يكن صالح سليم في حاجة لكل هذا التعب وكل هذا الألم والعذاب والمعاناة
ليدرك أن مصر تحبه كل هذا الحب وتحمل له كل هذا التقدير والاهتمام
والاحترام
لم
يكن صالح سليم في حاجة لأن يستسلم لمواجعه التي ترافقه وتلازمه فوق فراش
المرض في مستشفي لندن كلينيك لتراه مصر اوضح وأعمق وأدق بدون تعب والم
ومعاناة كانت مصر ولا تزال تحب صالح سليم وتحترمه بدون مرض أو عذاب ووجع
كانت مصر ولا تزال ترى في صالح سليم احد رموز احد نجومها أحد ابنائها
الذين استمدوا منها كل ما في قلوبهم وبين أيديهم من قوة وشموخ وعناد
وكبرياء
مصر كلها بتحبك يا صالح
ولا احد يعلم وقتها ما الذي يفكر فيه صالح .. ولا المشاعر التي باتت تسكن روحه وقلبه وذاكرته وهو يرقد في فراشه محاصراً
باهتمام
الميع وانشغالهم وسؤالهم عن حالته وصحته واصواتهم التي تأتيه من القاهرة
وإن لم يسمعها بنفسه ولكنها تبقى مشحونة بحب حقيقي وقلب لا أدعاء فيه ولا
نفاق ورسائل من الجميع تبغي الاطمئنان على نجم مصر الكبير.
اهتمام جماعي..
بداية
من الرئيس مبارك الذى اتصل مساء الأحد قبل الماضي بالسفارة المصرية في
لندن ليطمئن على صحة صالح وحالته ويطلب وتوفير كل ما قد يحتاجه النجم
الكبير الي أن ينتصر على أوجاعه ويعود الي وطنه.. وحتى المواطنين البسطاء
في الشارع الذين لم يعرفوا صالح عن قرب ولا سبق وأن التقوا به ولكنهم
احسوا بالخوف عليه وارادوه أن يعوداليهم والي بيته الحقيقي الذي ليس في
الزمالك وإنما في قلوب كثيرين ووجدانهم وذاكرتهم.
لا
أعرف ما الذي يفكر فيه صالح الآن بعدما اكتشف كل ذلك وأحس بكل هذا الحب
والاهتمام الذي أحاط به في كل لحظة ألم أو آه ووجع.. ولكنني واثق رغم ذلك
ما حدث كان مفاجأة لصالح سليم.. لم يكن هذا الاهتمام مفاجئاً لأي أحد الا
صالح نفسه الذي كنت معه في بيته قبل سفرهالي لندن سألته لماذا تعمد وأصر
علىالا يحكي لأي أحد عن تفاصيل مرضه فقال لي لأنها حكاية لاتهم أحدا. .
فأوجاعه تبقى في النهاية ملكا له وحده وعذاباته لا تخص أحداً غيره وحين
اختلفت معه ولم أوافقه الرأي أصر على رأيه وموقفه.. واعتقد الآن أنه
سيراجع نفسه ولن يبقي علىاصراره وعناده بأن صحته لا تهم أحدا سواه حتى لمن
يعرفهم صالح ولم يلتق بهم ولو مرةواحدة طوال حياته.
واعتقد
ان صالح لن يغير رأيه فقط.. وإنما سيقاتل ضد كل ما يحس به من ألم ليعود
لكل الذين أحبوه واحترموه والذين ينتظروه هنا في القاهرة وفي كل مدينة أو
قرية مصرية ..فهؤلاء هم القوة الحقيقة التي يحتاج اليها صالح الآن.. هؤلاء
ومشاعرهم ودعواتهم هم الدواءالحقيقي الذي يحتاجه صالح ليواجه مرضاً انقص
الكثير جداً من قدرة جسده لكنه عجز أن يمس روحه أو كبرياءه.
مرضه
بدأ عام 1998 حين كان صالح على موعد مع الطبيب الإنجليزي ليتسلم منه نتيجة
الفحص الدوري الذي اعتاد أن يجريه كل ستة أشهر.. في ذلك اليوم في شهر مارس
بالتحديد – كان صالح في طريقه الي المستشفي ليستلم النتيجة..
وكانت
معه حفيدته نورا هشام صالح سليم.. طلبت نورا من جدها أن تأكل الهامبرجر
وأن تذهب الي السينما .. ووعدها صالح بتحقيق ما كانت تريده وتحلم به ولكن
بعد المرور على المستشفي .. وفي المستشفي لم يكن الطبيب ضاحكاً كما اعتاد
أن يراه صالح كل ستة أشهر ولم يضع الطبيب الانجليزي وقتاً .. طلب من صالح
الجلوس وأخبره أن نتيجةالفحص الأخيرة أثبتت أن صالح مريض بسرطان الكبد.
ولم
يهتز صالح ولم يخلف حتى وعده لحفيدته نورا اخذها الي أحد المطاعم لتأكل
الهامبرجر وأصطحبها الي أحدى دور السينما لتشاهد الفيلم التي كانت تود
مشاهدته لم ير في نبأ اصابته بالسرطان مبررا ًلأن يخلف وعداً حتى وإن كان
وعد لحفيدته الصغيرة لم يعتقد أن اصابته بالسرطان تكفي لأن يجرح احساس
حفيدته ويحرمها من بهجة كانت تفتش عنها وتنتظرها.
وعاد
صالح في آخر اليوم الطويل إلي بيته ولم يشأ أن يخبر زوجته بمرضه.. قال لي
أنه فضل أن يخبرها في الصباح ليتركهاتقضي ليلةهادئة بلا أرق أو دموع.. وفي
الصباح التالي قال صالح لزوجته أنه مريض بالسرطان وكان يتمنى لو لم يخبرها
حتى لا يزعجها أو يثير قلقهاومخاوفها.. كان يتمنى أيضاً لو لم يخبر أي أحد
على الأطلاق ويبقى وحده في مواجهة مرضه بكل ما قد يأتي به هذاالمرض من
هموم وأوجاع وعذاب.. فهذا هو صالح سليم الذي لا يعرفه كثيرون جبل من
كبرياء صعب جداً أن ينكسر أو يستسلم مهما كانت فواتير ذلك من وحدة أو غربة
أوحزن صامت ونبيل.
في
اليوم التالي.. كان صالح في المستشفي مرة اخري ليناقش مع أطبائه أسلوب
علاجه إن كان هناك علاج.. يومها قال الأطباء لصالح أن السرطان الذي ظهر
مؤخراً في نصف الكبد لا يمكن استئصاله.. لأن النصف الآخر اصابه التليف
نتيجة اصابة قديمة بفيورس سي.. قال الأطباء أيضاً أن سن صالح لم تعد تسمح
بإجراء جراحة زراعة الكبد .. وقتهاضحك صالح وقال لاطبائه هل معنى حديثهم
أنه لم يعد يملك الا انتظار الموت.. فقال له الاطباء أنهم لم يقصدوا ذلك
ولكنهم يريدون موافقته علىأسلوب جديد للعلاج لا يزال حديثاً وفي إطار
التجريب وهو العلاج الكيماوي الموضعي أي حقن المادة الكيماوية داخل الكبد
نفسه وفي المنطقة المصابة بالسرطان وأن يتزامن ذلك مع علاج حراري أيضاً
لقتل الخلايا السرطانية داخل الكبد.
ووافق
صالح على العلاج الذي لا يزال في ضوء التجربة وافق وكتب تعهداً للأطباء
بأنه المسئول الأول عن اختيار هذا العلاج لو أدي الي عواقب لم
يتوقعهاالأطباء وكان هذا العلاج يستدعي أن يذهب صالح لأطبائه كل ثلاثة
أشهر ليقضي معهم يومين في المتشفي يحقنوه خلالهما بالعلاج الكيماوي
الموضعي ويخضعونه لأشعة مقطعية لبحث ما إذا بدت خلايا سرطانية جديدة في
الكبد أم لا، ومضت الأعوام القليلة التالية وصالح ملتزم بنظام العلاج
محفاظ عليه.. والي جانب الالتزام والحرص على مواعيد العلاج وانتظامها بقى
صالح أيضاً مقتنعا أن كل ما جري ويجري له إنما هو أمر يخصه هو وحده ولا
شأن لأحد بذلك وليس من الضروري أن يعرف الناس بذلك.. وحتى حين بدأ البعض
يهاجم صالح وينتقد رئيس النادي الأهلي الذي يقضي معظم أوقاته في لندن..
حتى حين بدأ البعض يشيعون أن صالح إنما يذهب بهذه الكثرة الي لندن لأنه
يمارس التجارة هناك أو لأنه لا يطيق البقاء في القاهرة. .
بقى
صالح رغم ذلك ملتزما بالصمت.. منعه كبرياؤه أن يرد على هؤلاء قائلا أنه لا
يذهب الي لندن للفسحة أو للتجارة أو لأنه لا يطبق البقاء في القاهرة وإنما
يذهب الي لندن للعلاج ومواجهة غول اسمه السرطان.. وكلما كنت أناقش هذا
الأمر مع صالح وأطالبه بأن يحكي حكايته مع السرطان والألم والوجع حتي يدرك
الناس الحقيقة كان يرفض لسببين.. أولهما اعتقاده القديم بأن حالته الصحية
لا تعني شيئالأحد سواه.. والسبب الثاني رغبته في الا يتاجر بمرضه والا
يصبح وجعه سبباً لأن يعطف أو يشفق عليه أحد.. وبقي صالح ملتزماً بالصمت
حتى سفره الأخير الي لندن وهناك اكتشف الأطباء أن خلايا سرطانية بدأت
تنتشر وتخرج من الكبد لتصيب جزءا من القولون والأمعاء فكان لابد من
الجراحة واستئصال هذا الخلايا السرطانية كان لابد من البقاء في المستشفى
لمواجهة ذلك.. كان لابد وأن ينتشر خبر ابقاءه صالح سراً على كثيرين طيلة
أربع سنوات فكانت المفاجأة مفاجأة لصالح وحده وليس لأي أحد غيره فالكثيرون
جداً وعلى اختلاف مستوياتهم ومجالاتهم وحتى انتماءاتهم الكروية الرياضية
اكتشف صالح وأدرك أن صحته تهمهم.. اكتشف صالح أيضاً واكتشفنا كلنا معه أنه
لم يعد مجرد رئيس لنادي رياضي حتى وأن كان النادي الأهلي بكل شعبيته
ومكانته وتاريخه الطويل وإنما صالح أحد رموز الكرة والرياة المصرية.. قلعة
الكبرياء التي لم تستسلم أبداً ولم تسقط لتسقط معها مبادئها وقيمها مهما
كان الثمن ومهما كانت المغريات أو المكاسب لا أول لها أو آخر.. رجل يمكن
أن تتفق معه أو تختف ولكنك لا تملك في النهايةالا أن تحترمه.. رجل لم يجد
طيلة حياته ما يجعله مضطرا لأن يكذب أو ينافق أويجامل أي أحد .. رجل لم
يغره أي شىء بأن يتنازل عن اسمه او تاريخه أو احترامه لنفسه واحترام
الآخرين له.. رجل لم يبحث يوما عن دور ولم يجر وراء شهرة أو أضواء مهما
كان بريقها ولمعانها.. رجل لم يعرف أبداً ولم يحترام انصاف الحلول ولا
أنصاف الطرق.. فحين يقوم بعمل ما لابد وأن ينهيه.. وليست هناك وجوه في
حياة صالح يمنحها نصف حب أو نصف احترام.. إنه فقط يحب ويكره .. يحترم أولا
يحترم.. هكذا ببساطة وكل وضوح.. رجل ارتبط بالنادي الأهلي بعد علاقة طويلة
وجميلةاستمرت منذ عام 1944 وحتىالآن .. رجل لابد وأن يدرك الكثيرون الآن
أن نجاحاته وشعبيته وكل هذاالحب الذي رأيناه في عيون الجميع وتحت جلودهم
لم يكن بسبب كرةالقدم أو نتيجة لنجاحات صالح سليم كلاعب كرة فمع تقديري
واحترامي لكرة القدم ومع اقتناعي أنها لعبة صنعت شهرة صالح سليم.. إلا
أنني واثق تماما أن الكرة لا علاقة لها لا بشخصية صالح ولا نجاحه ومكانته
كماهي الآن.. فإذا كانت الكرة قد أعطت صالح شهرته في بداية مشواره ومنحته
اهتمام الناس والإعلام به وحاصرته بأضواء لا أول لها ولأ آخر فإن هذه
الكرة لم تبخل بكل ذلك على كثير جداً من النجوم لكن بقى لدينا في النهاية
صالح سليم واحد فقط.. ثم أنه مهما كان نجاح صالح سليم وشهرته كلاعب كرة
فإن نجاحاته خارج ملاعب الكرة أضعاف نجاحاته كلاعب.
الحكايةإذن
ليست كرة القدم وليست عدد بطولات أو ضخامة انصارات إنما هي شخصية صالح
سليم نفسها.. أسباب توافرت وأدت الي ذلك دون أن يكون لصالح دخل فيها..
وأخرى كانت بإختيار صالح وإرادته وإصراره.
وإذا
كانت شخصية صالح كانت هي السر وراء نجاح صالح سليم وشعبيته ومكانته فإنه
من الظلم أن نغفل شريكة صالح في رحلته.. المرأة التي وقفت بجانبه واقتسمت
معه كل خطوة ودفعت معه بحب وصدق ثمن كل نجاح أو حلم يتحقق.. إنها زينب
لطفي زوجة صالح وشريكة حياته.. فزينب لم تكن لصالح مجرد زوجة... ولاحتى
مجرد حبيبية التقاها في بدايات العمر فاقتسم معها عمره كله.. إنما كانت
زينت بالنسبة لصالح ولا تزال هي سنده الحقيقي وقوته.. هي قلعته التي لجأ
اليها فوجد أمانه وكبرياه كلما ضاقت الدنياأمامه وأغلقت أبوابها في وجهه
وعلى الرغم من ملامح صالح التي قد تبدو جادة وصلبة أكثر من اللازم إلا أن
كل هذه الملامح تفيض بالعذوبة والرومانسية والشاعرية أيضاً حين يقتسم صالح
مع زينب أي حوار أو أية خطوة أو أي يوم وفي النهاية .. لابد من التأكيد
على أن صالح نجح لأنه أحب حياته كما عاشها واختارها ودفع ثمنها.. فهو
مقتنع أن أي إنسان لن ينجح الا إذاأحب حياته أولا وقبل كل شىء ويعترف صالح
انه لم ينج إلا لأنه أحب حياته وأحب أن يعيشها وأسفر هذا الحب عن أحلام
تجي حلماً وراء آخر.. لا تتحقق كلها لكن تبقي الحياة رغم ذلك ممكنة يعيشها
صالح بلا نهاية ولا يأس ولا إحباط ولا إحساس بأن الفرصة ضاعت أو أن الوقت
قد فات.. وأن كان هناك كثيرون بيننا يعتبرون حياتهم انتهت في سن الأربعين
أو الخمسين فإن صالح على العكس... يؤمن أنه طالما على قيد الحياة فلابد
وأن هناك فرصةووقت لتعلم شىء جديد وهو الامر الذي يجعلنا نطالب صالح بأن
ينتصر على أزمته الأخيرة وعلى كل عذاباته وأوجاعه ليرجع الينا بنفس
كبريائه الجميل ونفس عناده وقوته وصلابته وحبه للأهلي وللناس ولمصر كلها.
رحيل المـــــايســـــترو
المبادىء والأخلاق وحب الجماهير
مصر تودع صالح سليم
لأن
الرموز لا تموت في قلوب عاشيقها ولا تبارح وجدان الشعوب فسوف يظل "صالح
سليم" متجسداً بين جنبات ذويه ومحبيه وأصدقائه ومائلا في أذهان الملايين
من جماهير كرة القدم المصرية الذين هاموا به دون أن يشاهدوه فكان حبا بلا
مقابل.. عبر عنه – دون زيف أو رتوش- ذلك المشهد المهيب الذي واكب جثمانه
في صورة شبه أسطورية حتي مثواه الأخير بمدافن العائلة، بل الآلاف من
الجماهير الوفية- بمختلف انتمائاتها- بادرت باستئجار السيارات وسارت خلف
موكب الجنازة الذي تقدمته مركبات الشرطة لإفساح الطريق المكتز بالمشيعين
على كلا جانبيه.. وأعاد الي أذهاننا جنازتي "أم كلثوم" و"عبد الحليم
حافظ".
كان
"صالح سليم" مثلا أعلي لكل من عرفه.. فهو "المايسترو" في كل شىء في
المابدء والاخلاق والتواضع والاعتزام بالنفس ونكران الذات .. تماماً كما
كان "المايسترو" داخل البساط الأخضر عندما لتمس قدمه الكرة.. التي أعطاها
الكثير أخلاصاً وتفانياً فمنحته حباً من الملايين بلا حدود.. ليس من
جماهير النادي الاهلي فقط وإنما من مختلف الانتماءات الرياضية.
كان
"صالح سليم" على عكس ما تخيل البعض، شخصية متواضعة الي أبعد حد يحمل بين
جنبيه قدراً هائلاً من المشاعر الإنسانية التي تجلت في العديد من
المواقف.. أذكر أنه ذهب- منذ ثلاث سنوات- لزيارة اللاعب "حسام حسن" حين
كان يعالج في مستشفى مصر الدولي من إصابته الشهيرة في فقرات الظهر، التي
كاد أن يترك الملعب بسببها، ولم يكن "صالح " –رحمه الله- يتردد على اماكن
علاج لاعبي هذا الجيل .. وفوجىء "المايسترو" بأن حسام يرقد في غرفة عادية
لا ترقىالي مستوى لاعب دولي، وعلى الفور طلب نقله الي "سويت خاص" يتناسب
مع نجوميته.. ثم سأل "حسام": هل ترغب في استكمال العلاج هنا او تفضل أن
تسافر الي المانيا؟ فرد ثابت البطل – الذي كان يرافق المايسترو – يتعالج
هنا يا كابتن" فنهره "صالح سليم" بقوله : "أنا بأسأله.. "فقال حسام":
"ألمانيا أحسن" ولم يتوان" الكابتن": وطلب من "ثابت" أن يحجز له من "بكره"
وسافر "حسام" وعاد الي الملاعب دون أن يغيب عن خاطره ذلك الموقف الإنساني
للمايسترو "صالح سليم"، ورمبا لهذا السبب – أو لغيره أيضا- شاهدنا "حسام"
ضمن أوائل المعزين الذين أمتدوا في صف طويل لم يسبق أن رأيناه في مناسبات
العزاء.
لقد
صنع "صالح سليم" اسمه ونجوميته باحترامه لمبادئه ولنفسه فكان من حقه أن
يحترمه الجميع، وأن يخلدوه ويمنحوه شهرةوشعبية لم ينلها – وقد لا ينهالها-
أي نجم في تاريخ كرة القدم المصرية والعربية والأفريقية أيضاً.. فلم يكن
غريباً- أذن – أن يحتشد داخل سرادق العزاء لمواساة أسرته أكثر من عشرة
آلاف شخصية بداية من علاء وجمال مبارك ابني رئيس الجمهورية.
ومروراً بالوزارء وجميع الرياضيين ورجال الأعمال والفنانني .. وجماهير المواطنين البسطاء الذين عشقوه دون أن يروه.
وقد
لفت انتباه المعزين داخل السرادق صورتان جديرتان بالتسجيل الأولى وجود
الفريق "عبد المحسن كامل مرتجي" الرئيس الأسبق للنادي الأهلي بين الحضور..
والثانية ظهور اللاعب الشاب"أحمد حسام" المحترف وقتها في نادي "أياكس"
الهولندي، الذى جاء خصيصاً لتقديم واجب العزاء وسافر فجر اليوم التالي
للحاق بفريقه الذي يخوض اليوم التالى المباراة النهائية في بطولة كأس
هولندا.
ومن
المواقف التي تدل على تواضع "صالح سليم" – رحمه الله- أن تصادف قبل سفره
الي "لندن": في رحلةعلاجه الأخيرة، ولحظة خروجه من أحد الفنادق عقب توقيع
أحد عقود شركته الخاصة، أن استوقفه "منادي السيارات" التابع للفندق، وقال
له: "أنا زملكاوي يا كابتن" لكن باحبك ونفسي أتصور معاك" وبعد أن كان
"صالح سليم" قد دخل سيارته، نزل منها بكل تواضع ليلبي رغبةالشاب البسيط
رافضاً أن تلتقط الصورة وهو جالس بالسيارة بينما "المنادي" يقف خارجها،
وقال مازحاً"أنانزلت لك علشان أنت زملكاوي".
وقد
لا يعرف الكثيرون أن الكابتن "صالح سليم" والكاتب الكبير "محمد حسنين
هيكل" متزوجان من شقيقتين.. وقد لا يعرف الكثيرون أيضاً أن "المايسترو"
كان يعشق الهدوء ويكره الضجيج .. وربما كان ذلك سر تفضيله – رحمه الله-
قضاء معظم وقته في "لندن" وعند وجوده في "القاهرة" كان يقضي إجازة
نهايةالأسبوع في فندق شهير بالإسكندرية،وذلك أثناء الثمانينيات، وعندما
أزدحمت الإسكندرية في بداية التسعينيات اتجه شرقا الي "الغردقة" ثم انتقل
في العامين الأخيرين الي قرية الدبلوماسيين بالساحل الشمالي، حيث يرافقه
شقيقا زوجته "محمد وعماد تيمور" وحفيدته "نور" ابنة الفنان "هشام سليم".
ومن
المواقف التي تؤكد اعتزاز "صالح" بنفسه – وكانت تلك أبرز سماته – ما حدث
في منتصف الثمانينات عندما كان يجلس بمقصورة استاد القاهرة ضمن عدد من
الشخصيات لمشاهدة إحدى المباريات المهمة، حيث فوجىء باحد المذيعين يضع
الميكروفون أمام وجهه طالباً رأيه في المباراة فقال له المايسترو :"مش
الأصول إنك كنت تعرفني الأول إنك عاوز حديث مني، لا ان تفاجئني بوضع
ميكروفونك أمام عيني بهذه الطريقة"!
ومنذ
تلك اللحظة قرر "صالح سليم" مقاطعة التلفزيون وعدم الظهور في أي من برامجه
احتجاجاً على سوء تصرف مذيع.. ربما لم يكن يدرك من هو "الكابتن صالح
سليم"!
والكابتن
"صالح سليم" كانت له صداقات عديدة مع الفنانين، ودائماً ما كان يفضل قضاء
الوقت معهم، ومنهم الفنان الراحل"فريد شوقي" الذي كان يمضي سهراته معه
بالإسكندرية خلال الصيف، وفي أحد المطاعم الشهيرة بحي الزمالك عندما يكون
في القاهرة.. وكانت تربطه علاقات وطيدة بعدد من الفنانين الكبار أيضاً
أمثال عمر الشريف وأحمد رمزي وعادل إمام وصلاح السعدي الذي كان قريباً الي
قلبه وظل صديقاً له عشرات السنين، وكذلك فاروق الفيشاوي والمخرجين
الشقيقين"عمر ومحمد عبد العزيز" والراحل مصطفى متولي، والفنان عبد الله
فرغلي الذي حرص "المايسترو" على حضور زفاف ابنته منذ ثلاث سنوات بفندق
"شبرد" على الرغم من عزوفه عن حضور "الأفراح" في السنوات الأخيرة.
سألته
مرة مزيعة عن سبب الأداء غير اللائق لفريق الأهلي، والذي لا يرضى جماهيره،
فرد – رحمه الله - بحكمة ورزانة: "الاحتراف الوهمي أفسد اللاعبين الذين
أصبح همهم الأول هوالفلوس.. وانتهى عهد الولاء للأندية".
ومن
المشاهد المؤثرة التي لمسها المعزون خلال وجودهم بالسراق الحزن البالغ
الذي بدأ على ملامح شقيقه "طارق سليم" وظل متماسكاً بصعوبة، وهو يردد لأحد
المقربين:"فقدت كل حاجة في حياتي.. أخويا وصاحبي وحبيبي.. كل اللي باحبهم
ماتوا..وصالح كان حاجة كبيرة ومثلي الأعلى.
أما
آخر ما فكر فيها "المايسترو" قبل أن يرحل فهوالنادي الأهلي وجماهيره
الوفية، فقد طلب من شقيقه "طارق" أن يعود الي القاهرة ليكون بجوار الفريق
في مبارياته المتبقية من عمر الدوري.. لكن عمر "المايسترو" كان أسرع..
ولأن "الوفاء" سمة لا تنمحي عن كل من ينتمي الي القلعةالحمراء .. فقد
تعاهد لاعبو فريق الكرة فيما بينهم على ألا يفرطوا في دروع الدوري العام
التي تقرر أن تحمل اسم الراحل الرمز الذي عشقته الجماهيرة فألفت لروحه
هتافاً يقول:"صالح سليم قال لناا.. الدوري حيفضل عندنا".
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.
أما
ما لا يعلمه جمهور الزمالك فهو أن الصالة المغطاة بناديهم من إنشاءات شركة
المقاولات التي يمتلكها "المايسترو" الراحل .. فهي التي رسا عليها العطاء
ذات يوم عندما تقدمت الي مناقصة لإقامتها.
لقد
رحل صالح سليم لكنه سيظل مدى الحياة يعيش في قلوب جماهيره ومحبيه وعشاقه
خاصة جماهير الدرجة الثالثة المخلصين الذين لا يعرفون ماذا سيفعلون ولا
الي من سيلجئون عندما لا يؤدي اللاعبون مباريات قوية تسعدهم فلن أنس وأنا
أشاهد مباريات الأهلي عندما كان اللاعبون يتخاذلون في أداء المباريات فكان
عشرات الآلاف من الجماهير يهتفون "روحوا لصالح وقولولوه الأهل مذعل جمهوره
"
رحمك الله يا صالح